Wednesday, March 30, 2005

الجنـرال اللغـز « ابراهيم سليمان»

في دائرة الضوء

الجنـرال اللغـز « ابراهيم سليمان»

قلبه مع من؟ وسيفه اين؟

اعــــداد :اميرة الحبر

رغم ان الفريق ابراهيم سليمان وصف نفسه بانه انسان عادي سينساه الجميع بعد سنتين او ثلاثة الا ان مواقفه وكافة الدلائل والمؤشرات تشير الى ان الرجل الذي يحسب عمليا بحكم خلفيته الاسلامية وعضويته في المكتب القيادي للحزب الحاكم على الحكومة الا انه يبدو في طرحه لحلول القضية اقرب للحركات المسلحة.. هكذا يقول البعض.

ولعل ما قام به ابراهيم سليمان في اطار منبره ومساعيه لاحتواء مشكلة دارفور تفسر من جهات عديدة اضافة ولقاؤه واتصالاته بالمسلحين بل محاولته لتوحيد الحركتين المسلحتين تضعه في خانة الشك والريبة من قبل كل الاطراف باعتباره سياسي مثيرا للجدل.. حيث انه يريد الجمع بين المتناقضات.!!

ومع ذلك يظل الفريق ابراهيم سليمان كما وصفه البعض بانه جزء من الحل وجزء من المشكلة.. فهو يطالب بمنصب رجل ثالث في القصر الجمهوري لدارفور في الظهر وبعضا من الليل ويشارك في اجتماعات المكتب القيادي للحزب الحاكم حتى الساعات الاولى من الصباح.

تعتبر نشأة الفريق ابراهيم سليمان خارج دارفور بمدينة غبيش التي يهاجمها التمرد الان وزواجه من مدينة الابيض ذات تأثير بالغ على حياة الرجل الذي يصفه المقربون منه بانه متدين جدا ومن المحافظين على تلاوة القرآن واكد شاهد عيان انه كان داخل المسجد يتلو القرآن عند ضربة الفاشر الشهيرة وهو شديد التقدير للعلاقات الاسرية ويمتاز الفريق سليمان بصراحة شديدة تعتبر من طبائعه الشخصية وانسحبت على عمله السياسي فهو احيانا يصرح بآرائه الشخصية في قضية لا تحتمل ذلك وقد تقاطع تصريحات مصادر رسمية ويتجلى ذلك عبر رفضه لكل الحلول المقدمة بحق قضية دارفور الا عبر الاراء والاهداف التي يؤمن بها ..ويروج لها.

وبيت الفريق ابراهيم سليمان بالرياض مفتوح لكل القبائل في دارفور فهو يمثل مركز ثقل لاهل دارفور وبيته مجلس للحكاوى حول حل القضية فقبيلة البرتي التي ينحدر منها تعتبر منطقتها منطقة تداخل قبلي على الحدود مع ولاية غرب كردفان. مما اكسبه صفة القبول لعدد مقدر من المجموعات القبلية بالمنطقة..

ضربة الفاشر

رغم آراء الفريق ابراهيم سليمان الايجابية تجاه مطالب المسلحين منذ البداية ويحفظ له انه اول من اطلق على المجموعات المسلحة لفظ «تمرد» في وقت كان يتم تصويرها كعصابات للنهب المسلح الا ان المتمردين قابلوا هذا الامر باحراج الوالي ورئيس لجنة آلية بسط الامن بولايات دارفور الثلاث بضربة مطار الفاشر الشهيرة واحراق ست طائرات عسكرية وطائرة مدنية امام عين وبصر الوالي ومنذ ذلك الوقت حفظت مقولته التي قالها آنذاك « احذروا دخول البوت في دارفور» لكن الحكومة اصرت على موقفها وسعت لحسم التمرد عسكريا وحتى اليوم يؤكد الرجل انه ثابت على موقفه من قضية دارفور..

موقفه الرافض للحل العسكري والمطالب بالحلول السياسية.. التي رآها البعض حينما نادى بها الفريق وهو حاكم لشمال دارفور.. بأنها دليل ضعف وخور ان لم تكن دليلا على امر اخر..!!

اعتقال

من المواقف التي لا تنسى في تاريخ الفريق ابراهيم سليمان السياسي اعتقاله عندما كان واليا لشمال دارفور للشيخ موسى هلال اثر خلاف حول معالجة قضية دارفور ولعل العلاقة بين الرجلين عبر عنها الشيخ موسى في عدد من التصريحات الصحافية التي تؤكد عداوته وخلافه الكبير مع الفريق ابراهيم سليمان التي يرى عدد من المراقبين انها تشكل ملامح الصراع نفسه في دارفور.

محاولات

قال الفريق ابراهيم سليمان لـ« الرأي العام» انه لن يتوانى ابداً عن السعي لحل مشكلة دارفور واضاف بانه سيسعى من خلال المنبر الذي يترأسه ويضم العديد من قيادات وابناء دارفور خارج وداخل المؤتمر الوطني للمساهمة في تقريب وجهات النظر بين الحكومة والحركات المسلحة خلال الجولة القادمة.

ولعل المطالب الثلاثة التي يصر عليها المنبر مثل محاسبة الذين تورطوا في الاحداث واعادة دمج الولايات الثلاث في اقليم واحد وتخصيص موقع الرجل الثالث في القصر الرئاسي لدارفور التي لم يجد حرجا في طرحها والتعبير عن اطروحات اقرب للحركات المسلحة مما اوجد الاستياء لدى بعض القيادات الحكومية ولعل قيام منبر مواز لمنبر ابناء دارفور برئاسة الفريق ادم حامد موسى الحاكم السابق لجنوب دارفور الذي يؤكد دوما احترامه وتقديره للفريق ابراهيم سليمان الا انه يشير الى انه يخالفه تماما في الرأي والافكار حول طرح المنبر.

ولعل الصراع الخفي بين الرجلين ظهر علنا بعد ان تدخل الحزب الحاكم على مستوى امينه العام د. ابراهيم احمد عمر للعمل على توحيد المنابر التي تتحدث عن قضية دارفور خاصة منبري الفريقين ابراهيم سليمان وآدم حامد وابلغت مصادر قريبة « الرأي العام» ان الامين العام للحزب الحاكم طلب من كل ابناء دارفورالوقوف صفا واحدا خلف رؤية موحدة تعبر عن المؤتمر الوطني طالما ان الجميع ملتزم به كحزب سياسي والحزب الحاكم الذي يسعى الان بكل ثقله لتوحيد المنابر حول قضية دارفور وتوحيد صفوف ابناء المنطقة.

يؤكد ان معالجة المشكلة تبدأ من توحيد كلمة ابناء دارفور.. ولكن كثيراً من المراقبين يستبعدون ان يتم ذلك الامر خاصة في الوقت الراهن اضافة الى وجود بون شاسع بين الرجلين واهداف منبريهما.

جميل لاينسي

رغم اقالة الفريق ابراهيم سليمان من الجهاز التنفيذي في الدولة الا ان بقاءه كعضو مكتب قيادي يثير كثيراً من التساؤلات فالحكومة التي اقالته لاسباب اكدت مصادر انها على علاقة بمواقف الرجل حيال حل مشكلة دارفور ابقى عليه المكتب القيادي لحزبها الحاكم الذي تتم فيه معالجة ووضع سياسة الدولة والجهاز التنفيذي خاصة فيما يتعلق بقضية دارفور نفسها حيث قالت مصادر مقربة من المؤتمر الوطني ان بقاء الرجل تحت اعين الحكومة وحزبها الحاكم اهون من خروجه وانضمامه للحركات المسلحة التي لا يخفى انحيازه الواضح لمطالبها الذي ظهر جليا من خلال لقاءاته الودودة التي تمت مع المسلحين بطرابلس وهم يحفظون له الجميل فهو الذي اطلق سراح عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان في الفاشر عندما كان ضمن المعتقلين المشتبه بهم في بداية احداث دارفور كما ان الفريق سبق وان لوح بانه قد ينضم للمسلحين في حالة وجد نفسه خارج الدائرة في الخرطوم.. ويرى كثير من المراقبين ان هذا الوضع الحالي هو حل وسط يناسب المؤتمر الوطني لان بقاءه رغم ما يثيره افضل من خروجه وتمرده خاصة انه يمتلك ثقلاً سياسياً واجتماعياً مميزاً بدارفور وقبولاً لدى الحركات المسلحة.. وقبل ذلك هو عسكري متمرس وصل به الترقي العسكري ليصبح وزيرا للدفاع

عندما رفض الفريق ابراهيم سليمان المشاركة في ملتقى طرابلس بعد منع السلطات لعدد من اعضاء المنبر بالمشاركة وصف المراقبون هذا الموقف بانه يؤكد تمسك الرجل بالمنبر الذي يريد من خلاله ان يحجز لنفسه مقعدا في المعادلة السياسية القادمة ولعل الموقف نفسه وجد تأييدا كبيرا ومقبولا من الحركات المسلحة نفسها التي اسرعت بالاستفسار عما حدث ولكن هل الرجل يسعى فعلا الى منصب قادم في ظل صراع تديره ثلاث جهات وهل استغنى تماما عن الحكومة وتيقن على عدم عودته للسلطة مرة اخرى فالرجل الذي جلس على كرسي الوزارة مرة والولاية واحتل مراكز قيادية نافذة في اهم مؤسسة في الدولة يصفه المحللون والمراقبون بانه يسعى عبر بوابة المعارضة للعودة للسلطة مرة اخرى في ظل تسوية سياسية قادمة مع الحركات المسلحة.. التي قالت انها تقدره وتعتبره رجلا وطنيا يحب دارفور مع احترامه لمواقفه وآرائه حيث وصفه « للرأي العام» محجوب حسين الناطق الرسمي باسم حركة التحرير انه رجل وطني غيور يحب دارفور.

لكن هل يصبر الرجل الذي واضح ان صوته اصبح يرتفع اكثر واكثر على هذه التسوية بعض المراقبين يرون ضرورة الاستفادة منه في هذه الفترة بالذات باعتبار ان اي معادلة سياسية قادمة لا يمكن ان تتجاوزه ويبقى الاهم ما هو موقف الحكومة وحزبها الحاكم الحقيقي من الرجل وهل مقدار الثقة يصل لدرجة ضمه الى وفدها المفاوض ام انها تريده قريبا من «العين» وان كان بعيدا عن «القلب ..نقلأ عن الرأي العام»..!

Monday, March 28, 2005

صدي عائدة من نيالا!! (1)

صحيفة الصحافة
العدد رقم: 4238
2005-03-23

amal@alsahafa.info
صدي عائدة من نيالا!! (1)
امال

* قبل ثلاثة اشهر، تنادى عدد مقدر من منظمات المجتمع المدني عبر صحيفة الصحافة وبرعايتها.. على رأس هذه المنظمات جمعية التنوير الثقافية ومجموعة مبادرات النسائية، واتحاد فرق الفن الحديث وجمعية بابكر بدري والمجموعة السودانية لحقوق الانسان، وكثير من الشخصيات القومية، تنادوا من اجل الوقوف مع انسان دارفور في الظروف التي يمر بها.* وكان ملتقى منظمات المجتمع المدني بالتضامن مع صحيفة الصحافة.. ميلادا لحركة فاعلة لاقامة جسر وجداني مع قضية النازح من قريته في اتون واقع سياسي واقتصادي متشابك.. انتظم الملتقى في نشاط شمل المدارس والجامعات والاندية.. والخيرين من اجل غطاء وكساء وحذاء للنازح.. تعويلاً على ان يرتقع النسيج الاجتماعي الذي تعرض للخطر.* في الخميس الماضي، السابع عشر من مارس، ذهب وفد كبير يتكون من ثلاثين عضواً.. كان سوداناً مصغرا، اعضاؤه من الشرق والغرب والشمال والجنوب والوسط.. ذهب الى نيالا في معيته خمسة وثلاثون طناً من الاغطية والملابس والاحذية والصابون.* ذهب الوفد الى نيالا وفي اعماق افراده ما لا يقدر بحجم من مشاعر الود والمؤازرة.. ذهب الوفد الى نيالا بعد ان اقام الملتقى جسراً مع منظمات المجتمع المدني في نيالا: 1/ جمعية بخيتة 2/ ومنظمة المساعي الحميدة ومنظمة اليافعين المنظمة السودانية لرعاية الطفولة والشباب.وكان عملاً متصلاً مع تلك المنظمات ومع خطوط الطيران الخاصة.. مارسلان.. وطيران الغرب.. وميدلاينز، على رأسها هلا للطيران التي ظلت على مدى طويل تساهم في ترحيل ما جمع الملتقى من مواد بالاضافة الي عشرين تذكرة ذهاباً واياباً لاعضاء الوفد.. ومع وزارة الشؤون الانسانية ومنظمة كير.. وشركة شيكان وجمعية حجار الخيرية وشركة شل. واعداد من المواطنين.* لا نملك في الملتقى إلا كلمات الشكر التي مهما عظمت، تظل دون الوقفة الانسانية الشامخة لكل الذين مكنونا من الوقوف على الحالة في معسكرات النازحين بمدينة نيالا.. معسكر كلمة ومعسكر السريف ومعسكر اوطاش ومعسكر موسيه.* تحت المظلة الانسانية وحسن ضيافة منظمات نيالا وحكومتها، ذهب وفد الملتقى وصحيفة الصحافة ليقدم المؤازرة والتعاطف الوجداني.. وذهبت صحيفة الصحافة لتقدم نموذجا للوجود الفعلي في ارض المأساة، ومن رأى لا كمن سمع.* واقع الحال في الغالبية العظمى لمعسكرات النازحين واقع مأسوي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.. بالاضافة الى فقدان المأوي والممتلكات والانفس.. يجد الانسان نفسه في مناخ وواقع لا يمت للانسانية بصلة.. اكثر المعسكرات عبارة عن رواكيب متهالكة وعشش لا تمنع الشمس ولا الرياح ولا البرد و.. ولا.. حال الاطفال والنساء والشيوخ ينهار امامه اصلد قلب وتفيض دموع صاحبه بلا إستئذان..* الاغاثة.. الاغاثة الغذائية تحديداً لم نجد لها اثراًيذكر، لم نجد اثرا واضحا للمنظمات العالمية إلا القليل النادر في مجال المياه.* مأساوية الوضع في معسكرات النازحين بمدينة نيالا اشير اليها بواقعة صغيرة.. عندما زرنا معسكر كلمة، كانت اخر اغاثة وزعت قبل خمسة واربعين يوماً عبارة عن ذرة شامي مدروش.* قلت للابنة هادية حسب الله، ونحن بالطائرة في طريقنا الى نيالا.. اخاف على النازحين من تغيير نمط حياتهم الغذائى ظناً مني بأني سأجد ارض المعسكرات ملأى بفوارغ الساردين واللبن والجبنة، وخيامهم مثل التي وجدتها في نيروبي ابان توقيع اتفاقية البرتوكولات الستة.* عفواً، انا اكتب بانفعال يتداخل معه الكثير من التعقل.. والتأمل في أشياء كثيرة.. لاقول شيئا واحدا مهما.. وهو ان انسان دارفور النازح، يحتاج لنا جميعاً،يحتاج للكساء والغطاء والحذاء واللقمة.. اللقمة وياحبذا ان كانت لقمة سودانية.. هلا انتظمت كل منظمات المجتمع المدني حركة لتحقيق هذا؟ آمل وارجو وادعو..اواصل غداً مع تحياتي وشكري

Saturday, March 26, 2005

منظمة: عمليات اغتصاب النساء مستمرة بدارفور

منظمة: عمليات اغتصاب النساء مستمرة بدارفور
2005/03/08
الخرطوم ـ من اوفيرا مكدوم:
ذكر تقرير لهيئة اغاثة اطلعت عليه رويترز امس الاثنين ان حوالي 500 امرأة في دارفور تلقين علاجا بسبب الاغتصاب في الاشهر القليلة الماضية وان غالبيتهن قلن ان مغتصبيهن كانوا من مسلحي الميليشيات أو من جنود القوات الحكومية. وذكرت الدراسة التي اعدتها منظمة اطباء بلا حدود ان عدد ضحايا الاغتصاب ربما يكون أعلي كثيرا حيث ان كثيرات من الضحايا يحجمن عن الابلاغ عن الجريمة خوفا من وصمة العار واساءة المعاملة. وقال يان ايجلاند منسق الاغاثة التابع للامم المتحدة انه يؤيد تماما التقرير الذي قال انه تضمن أول أدلة طبية موثقة علي انتهاكات واسعة النطاق ضد نساء في المنطقة القاحلة في غرب السودان.
واضاف ان مسلحين وجنودا حكوميين ضالعين في الاغتصاب علي الرغم من انه في بعض الاحيان من الصعب التعرف بشكل كامل علي الجناة. وقال ايجلاند بصفة عامة هم رجال مسلحون من في الميليشيات لكنني اعتقد ان جنودا حكوميين تورطوا وايضا الكثير من الميليشيات العرقية .
واضاف انه لا يمكن للحكومة ان تواصل السماح لمرتكبي تلك الجرائم بالافلات من العقاب وانه يجب تقديم المذنبين للعدالة. وقال ايجلاند مساعد الامين العام للامم المتحدة لشؤون الاغاثة المشكلة حادة...انها واسعة النطاق. لم يكن بالسودان أبدا من قبل هذا النوع من الاغتصاب المنظم .
وقال للصحفيين في الخرطوم الان لدي السودان نفس المشكلة التي نراها في كثير من الدول الافريقية الاخري وصراعات اخري ويتعين علي الحكومة السودانية ان تواجه تتصدي لهذا .
وتتهم الحكومة السودانية وسائل الاعلام وجماعات الاغاثة بالمبالغة في حجم عمليات الاغتصاب التي وقعت اثناء التمرد الذي بدأ قبل أكثر من عامين في دارفور. وقالت دراسة منظمة اطباء بلا حدود ان أكثر من 80 في المئة من الضحايا قلن ان مغتصبيهم كانوا من مسلحي الميليشيات او جنودا. ولم تحدد الدراسة ان كان بين مسلحي الميليشيات متمردون.
ويقول متمردو دارفور ان ميليشيات عربية سلحتها الحكومة للمساعدة في القضاء علي تمردهم قامت بحملة احراق للقري واغتصاب للنساء. وتنفي الحكومة اي صلة بالميليشيات المعروفة باسم الجنجويد.
وقال بول فوريمان مدير منظمة اطباء بلا حدود في السودان ان الحكومة طلبت من المنظمة عدم نشر التقرير الذي سيذاع غدا الثلاثاء بمناسبة يوم المرأة العالمي. واضاف قائلا لرويترز أبدوا رغبة قوية في ألا ننشره وانا رفضت بلطف .
وذكر التقرير انه في احدي ولايات دارفور الثلاث عالجت عيادات طبية تابعة للمنظمة 297 ضحية للاغتصاب تترواح اعمارهن بين 12 و45 عاما. وتعتقد المنظمة انه نظرا لشعور الضحايا بالعار والتهديد بالحبس بسبب الحمل غير الشرعي في السودان فان العدد المسجل هو تمثيل جزئي فقط للعدد الحقيقي للضحايا .
وقال التقرير ان النساء يحتجزن لايام ويتعرضن للاغتصاب من عدة مهاجمين وكثيرات منهن يتعرضن للضرب. ونبذت بعضهن من مجتمعاتهن فيما القي القبض علي البعض الاخر. وقال ايجلاند انه لا يعتقد انه سيتم تهديد منظمة اطباء بلا حدود بالطرد كما حدث مع منظمتي اوكسفام وانقذوا الاطفال البريطانيتين بسبب تقارير لم تحظ بموافقة السلطات العام الماضي. نقلأ عن القدس العربي

Friday, February 18, 2005

دراسات..الادارة الاهلية ودورها في التعايش السلمي

دراسات : الاداره الاهليه في السودان و دورها في التعايش السلمى و الوحده الوطنيه
الفكر الشيوعى اعتبرها امتداد للطائفيه و الاقطاعيه فبادرت مايو بحلها مازالت النظره الضبابيه للمسؤلين تؤثر علي ادوار الاداره الاهليه. ورقه اعدها الامير/عبد الرحمن كمبال ادم امارة اولاد حميد – ابو جبيههالامين العام لاتحاد زعماء العشائر بالسودان.تحاول هذه الدراسه التاريخيه المسحيه التعريف بدور الاداره الاهليه فى السودان و دورها فى التعايش السلمى و الوحده الوطنيه و ذلك من خلال بيان ملامح التجربه و دواعيها فى السودان و مناقشة مشاكلها و انماط عملها و مقترحات حلول تلك المشاكل و تكتسب الورقه اهميتها فى ان واضعها احد رموز الاداره الاهليه البارزين. مقدمه:الاداره الاهليه من انماط الحكم التقليدى التى تواضع عليها الفكر الانسانى منذ قرون سحيقه و لكون هذا الانسان كائنا اجتماعيا فانه لجا الى تنظيم حياته فى شكل كيانات صغيره ابتداء من الاسره الى الكيان العشائرى او القبلى الذى يشتمل على قبيله واحده او عدد من القبائل بينهما علاقات رحميه او مصالح مشتركه تحالفت على حمايتها او ان تكون هناك عصبيه قبليه معينه ذات شوكه فرضت سلطانها و هيمنتها علي مجموعه اخرى من الناس حتى تطورت هذه الاشكال لتاخذ شكل الدوله الحديثه بمؤسساتها و قوانينها و مظاهر قوتها و حاكميتها كاخر مستوى من التطور وصل اليه بني البشر فى تطوير اساليب الحكم و لكن رغم هذه الطفره الكبرى العلميه و التقنيه و التطور المشهود فى ابتداع اساليب الحكم و مؤسساته و الياته الا ان الحكم القبلى لايزال موجودا علي امتداد العالم و لا تكاد دوله واحده تفلت من هذا التعميم و ان انحصر هذا الوجود في جيوب بعيده و ريفيه و لكن الحكم الاهلى اكثر ظهورا و تاثيرا فى مجتمعات العالم الثالث التي لاتزال مجتمعاتها تحتفظ ببدائتها وا لتي لم تنل حظها بعد من انتشار التعليم و اللحاق بمظاهر التمدين و الحضاره. اولا: تجربة الاداره الاهليه في العالم و دواعى وجودها فى السودان :مثلما ذكرنا فى المقدمه لا يكاد بلد من بلدان العالم و بخاصة العالم الثالث يخلو من وجود للاداره الاهليه و العشائريه و قد برع الانجليز فى استغلال السلطات القبليه فى ترسيخ حكمهم للبلاد المستعمره و ذلك بتقنين الاداره الاهليه و منحها السلطات اللازمه لاداء دورها و تمكينها ببعض الدعم المالى و استفادت من هذه التجربه عدة دول احتفظت بحكم القبائل فى مجتمعاتها و قوته لتتقوى به الدول كاداه فاعله تربط السلطات المركزيه باطراف الدوله البعيده و الجيوب البدويه .اما فى السودان فقد اضطرب تعامل الدوله الوطنيه بعد الاستقلال مع الاداره الاهليه بين رافض لها غير مقتنع بدورها مثل حكومة مايو التي حلت الادارة الاهليه تحت تاثير الفكر الشيوعى الذى يرى فى الاداره الاهليه امتدادا للطائفيه و الاقطاعيه و بين متعامل معها دون مدرك للدور الذى يمكن ان تؤديه فاضطربت العلاقه الي علاقة وجود صورى و اعتراف شكلى مثلما هو حاصل الان فى عهد الانقاذ . و نحسب ان هناك عوامل كثيره تجعل من السودان بلدا لايزال للاداره الاهليه فيه دور غائب و لاتزال للدوله حاجه الي خدمتها و نوجز فيما يلى اهم هذه العوامل :"1" الحكم القبلى او سلطة القبيله و زعامتها و دور القبيله نفسها فى المجتمع اعترفت به جميع الاديان السماويه . و ما قوله تعالى :(ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) الا دليلا الى ديمومة هذه التشكيله المجتمعيه بكياناتها القبليه الي قيام الساعه و ما قول رسول الله :(ص) امرا بعض الصحابه من قبيلة معينه عندما دخل عليهم زعيم القبيله ( قوموا لسيدكم ) الا اشارة للاعتراف بهذه الوظيفه (الزعامه القبليه ) ."2" رغم تطور الدوله فى ابتداع اساليب الحكم المحلى و تقصير الظل الادارى الا ان واقع الحال يقول ان البدو يشكلون نسبه معتبره من اهل السودان و هم فى بداوتهم يتحركون وفقا لمؤثرات بيئيه و مناخيه ليس للدوله المقدره على السيطره عليها و الدوله بلا شك بحاجه الي ايصال برامجها و افكارها و توجهاتها لهذه الشريحه و التي لاتستطيع السيطره عليها الا عبر قيادتها المحليه المتعاونه مع الدوله بولائها المرتبطه بهيكلها الادارى و مؤسساتها الحاكمه ."3" السودان برقعته الجغرافيه الواسعه فان اجهزة الدولة بموظفيها و عرباتها و ما يترتب علي حركة هولاء من صرف للوقود و النثريات و بدل المامورية لا نستطيع الاحاطه بريفه و قراه حتي لو ذادت الولايات الى الضعف او ذادت المحليات الى الف بدلا من مائه."4" مجتمع السودان فى تركيبته و ثقافته مجتمع بدوى لاتزال روح البداوه و الريف تسيطر على انماط سلوكه لذلك نجد اللذين سكنوا العاصمه من شتى بقاع السودان و انقطعت علاقتهم و علاقات ابنائهم بالبلد والقبيله او كادت نجدهم لجاؤا لاشباع هذه النزعه القبليه فى دواخلهم . انشاء ابناء الشمال للروابط و الانديه و انشات السلطات لابناء الولايات الجنوبيه بالخرطوم و محاكم السلاطين و لجا ابناء الغرب الى انشاء نظارات و عموديات بديله لكياناتهم التى غادروها حتى اضطرت ولاية الخرطوم ان تنشىء لها قسما يعنى بادارة اشكال النظام الاهلى بالعاصمه و اتحذت له موظفين و ميزانيه."5" ثم ان السودان لم تتدهور بيئتهم مثلما حدث بعد تصفية الادارة الاهليه فى عهد حكومة مايو فتعرضت ثروات السودان للقطع الجائر و الصيد الجائر و اصبحت التصاديق تمنح بلا برنامج و لا تنسيق و اصبح مالوفا منظر اللوارى محمله بالحطب و الفحم و هى تسلك الطرق المؤديه الى العاصمه و المدن الكبرى مخلفة وراءها مساحات شاسعه من الصحارى . و من ما يؤسف له فان القطع طال اشجارا تمثل نعمة انعم الله بها على السودان و جعلت له ميزة نسبيه فى الانتاج العالمى من ما يعرف بالصمغ العربى و قد طال القطع و الحرق اشجار الهشاب و الطلح التى هى المصدرالاول لانتاج محصول الصمغ العربى الثروه القوميه و لم تسلم الحياه البريه يتدمر غطاءها النباتى الذى يمثل لها بيئة العيش و باستهدافها بالصيد الجائر من الاف الهواه اللذين يخرجون للتمتع بالصيد دون اذن من احد و بعيدا عن نظر الحكومه و قريبا من نظر الرقيب السابق _ الادارة الاهليه _ الذى سلبت صلاحياته السابقه."6" تمثل الاداره الاهليه ماعونا للتراث السودانى ظلت تقوم بهذا الدور الاصلى من ادوارها فاحتفظت بيوت الاداره الاهليه بملامح الشخصيه السودانيه فى مظهرها المميز (الثوب و الصديرى و اللوو و الجلابيه ) و فى ادواتها العتيقه (السيف و السرج والدرقه و الطمبور و الوازا ) كما حافظت الاداره الاهليه علي تماسك المجتمع و عاداته الطيبه مثل النفير و التكافل بايواء الارامل و ايواء الضعيف و نجدة الملهوف و ذا الحاجه ."7" الانسان هو عنصر التنميه الاهم فكيف للتنميه ان تسود وتتسع اذا كان الانسان غير مدرك لها و لاهدافها غير منفعل معها. ثانيا : دور الاداره الاهليه فى الوحده الوطنيه و اسهاماتها التاريخيه:دوز الاداره الاهليه فى الوحده الوطنيه و تشكيل الدوله السودانيه بحدودها الحاليه دور لاتخطئه العين و سنورد نموذج لذلك فى العصور التاريخيه المختلفه . 1. عصر ما قبل المهديه:و هى فترة التركيه القديمه و الاخيره و ما قبلها و التى لم تتشكل فيها السودان بحدودها المعروفه حاليا و لكنها كانت جزءا مما يعرف باقليم السودان و هو المنطقه الواقعه جنوب الصحراء الممتده من البحر الاحمر شرقا و حتى مشارف الحدود الغربيه للقاره الافريقيه و لقد لعبت القبائل السودانيه دورا مهما فى قيام السودان بشكله الحديث و ذلك من خلال علاقات و احلاف و دويلات و ممالك اقامتها هذه القبائل فقد بدات النواه الاولى لتشكيل الشخصيه السودانيه من خلال الانصهار و التصاهر الذى تم فى هذه المجتمعات و من خلال ما بسطته هذه الممالك من سلطان يضيق و يتسع حسب ظروف العصر و ذلك مثلما تم فى تحالف عماره دنقس و عبدالله جماع فولدت بعد هذا الحزب القبلي دولة الفونج و ما تم فى مملكة الفور عندما استقدم سلاطينها المسلمون القبائل العربيه و شجعوا هجرتها اليهم من مملكة واداى فى شاد و من صعيد مصر و من شمال الصحراء فكانت القبائل التى تشكل دارفور الان و مثلما انتهجته مملكة تقلى العباسيه فى شرقى جبال النوبه بتشجيع ملوكها لقبائل كنانه و الحوازمه و الكواهله و اولاد حميد بالهجرة اليهم و مساكنتهم و مشاركتهم فى صنع احداث المملكه وقائعها التاريخيه , هذه النماذج و غيرها مثلث النواه الاولى للدوله السودانيه و النواه الاولى للمجتمع السودانى المتمازج بين العرب القادمين و الافارقه. 2. فى المهديه: فى فترة الدوله المهديه كاول دوله تقوم على ارض السودان بحدوده الحاليه كان حظ القبائل و ادارتها و زعاماتها فى قيام الثوره المهديه واضحا و معلوما حتى انتصرت المهديه و اخرجت الاستعمار بجهد ابناء السودان جميعا فخرجت للوجود لاول مره دوله اسمها السودان ووجد على الارض المجتمع السودانى بملامحه الواضحه و مميزاته المعروفه اليوم. 3. الحركه الوطنيه و النضال من اجل الاستقلال:ساهمت الاداره الاهليه مساهمه واضحه فى دعم الحركه الوطنيه و المطالبه باستقلال البلاد و كان زعماء العشائر من سلاطين و نظار وملوك و عمد يمثلون اهم ركائز الاحزاب السودانيه ثم انهم دعموا الثورات مثل ثورة ود حبوبه و ثورة الفكى على الميراوى التى ساهم فى تمويلها الناظر محمد الجبورى ناظر المسيريه الزرق الامر الذى ادى الى اعفاءه من منصب النظاره و نفيه الى دارفور و كذلك ثورة السلطان فرتاك و غيرها من الثورات هذا بالاضافه الى محاوله رجال الاداره الاهليه تكوين حزب خاص بهم و يضاف الى ما تقدم اشتراكهم فى المفاوضات من اجل الاستقلال و اشهر هذه المحاولات زيارة وفد زعماء العشائر الى مصر فى 1953م.4 . التمرد يستهدف الاداره الاهليه و هى تقاومه:جاء منفستو حركة التمرد استهدافا واضحا للاداره الاهليه و بيوت الدين و مؤسساته و قد اعتقد التمرد كما اعتقد اصحاب الفكر الشيوعى ان مؤسسة الادارة الاهليه و رجال الدين هى العقبه الاولى فى وجه التغيير الاجتماعى الذى ينشده كلاهما و قد وجد التمرد فى جبال النوبه و عند سلاطين الجنوب مقاومه شرسه لمحاولات تجنيد الشباب و التبشير بدعوة التمرد ومن الذين ابلوا فى هذا الجانب بلاء حسنا السلطان عبد الحميد محمد زهره سلطان جبال غرب الدلنج و المك شرى مك قبائل التيرا شرق هيبان و قد كان فيما بعد للاداره الاهليه يدا طولى فى دعم برنامج الدوله الداعى لقيام قوات الدفاع الشعبى و الشرطه الشعبيه و مدها بالمجندين و المجاهدين هكذا ظل الحال فى كل متحرك و مع كل نفره هذا فضلا عن دعم القوات المسلحه بذاد المجاهد و تاتى كل هذه المساهمات فى اطار المحافظه على وحدة الوطن و سلامة ارضه و تماسك مجتمعه . ثالثا: دور الادارة الاهليه فى التعايش السلمى :تمت كل عمليات الهجره الى السودان سواء من الشمال العربى او الغرب الافريقي او حوض النيل تمت وفق تفاهم معين ثم بين رجال القبائل المهاجره و القبائل السابقه صاحبة الدار من قنل و تبلورت هذه الاحلاف حتي ظهرت فى التاريخ فى شكل دويلات و ممالك هنا و هناك ثم اسفرت هذه العلاقات و الاخلاق و الاستئناس الذى حصل بين هذه المجموعات عن انتاج الشخصيه السودانيه الحاليه المتميزه بعاداتها و اعرافها و اخلاقها الماخوذه من تلاقى الثقافه العربيه الاسلاميه و الثقافه الافريقيه المحليه فالسودانى الموجود اليوم هو ثمرة هذه القرون من النماذج نماذج الدماء و الثقافات و الديانات و الموروثات.و قد اسهم الانجليز ابان فترة الاستعمار فى تنشيط العلاقات القبلية و احياءها من اجل استنهاض همم رجال القبائل و خلق روح التنافس و التعاون بينهم لخدمة اهداف و برامج و قد اتخذت هذه المساهمات اشكال اجتماعات سنويه تسمى ( الجمعيه ) و قد كانت هناك مهرجانات للتراث القبلى تقدم كبرامج مصاحبه لهذه المؤتمرات و منها مؤتمر كاكا السنوى و مؤتمر تلودى و مؤتمر كاكا الذى كانت تدعى له قبائل مركز كدوك و مجلس ريفى الشلك و قبائل مركز كوستى بقيادة ناظر الجمع و عمدة الاحامده و عمدة سليم و قبائل مملكة تقلى بقيادة مك تقلى و نائبه على ادارة تقلى الجنوبيه ناظر اولاد حميد و ناظر الحوازمه و الكواهله و عمدة كنانه و كان مؤتمر كاكا السنوى الذى يعقد بعد نهاية موسم الخريف فى نهاية شهر اكتوبر من كل عام قد اسهم اسهاما كبيرا فى تعميق و تطوير العلاقات بين قبائل هذه المنطقه و قد كانت اجندته الراتبه كالاتى :1 \ مناقشة ظروف المراعى بناء على نتائج الخريف و بالتالى تحدد فيه حركة الرحل فى اتجاه الجنوب و مساراتهم التى يسلكونها .2 \ مناقشة الوضع الغذائى فى منطقة الشلك بناء على نتائج الموسم الزراعى و بالتالى تحدى الفجوه الغذائيه ان وجدت و كيفية تجاوزها .و قد ازدهرت العلاقات و بلغت مجدها و ذروتها فى عهد الملك ادم جيلى ملك تقلى و الرث كورفافيتى و الناظر المكى عساكر ناظر الجمع و ابنه الشريف المكى و العمده الزين موسى عمدة سليم و الناظر راضى كمبال ناظر اولاد حميد و كنانه وقتها و ابنه عبد الرحيم راضى كمبال . و قد كانت اشهر المؤتمرات مؤتمرى 1944 و مؤتمر 1968 ففى المؤتمر الاول تنازل رث الشلك لناظر اولاد حميد عن مورد فى كاكا انشا فيه الناظر محكمه و سوق و نقطة بوليس كما ان اشهر الاتفاقات و التفاهمات فى هذا المؤتمر هو فرض ضريبه ( جعل ) على قنطار الصمغ الذى يطقه الاغراب ( من غير اولاد حميد او سليم او الشلك ) فى ( هشاب خشم البحر ) و قد كانت حصيلة هذه الضريبه تنقسم ثلاثة اقسام قسم يورد لصالح رث الشلك و ثلث لصالح ادارة استراحة كاكا و مرافقها الحكوميه و ثلث يورد لصالح ادارة اولاد حميد . و فى مؤتمر 1968 تم توقيع اتفاق بين اولاد حميد و سليم حول طق الهشاب فى مناطق عجيز و الضرابه و غيرها من مناطق التماس بين االطرفين , و قد ظل المؤتمر السنوى موسما للتفاهم و تجديد الثقه بين الاطراف يتم فيه التنسيق الكامل و معرفة الظروف المحيطه بكل طرف و تراعى فيه بدقه مصالح جميع الاطراف و كان هذا بحق اكبر انجاز شهدته تلك الفتره اسهم فى تقوية الوحده و التماسك بين القيادات و قبائل هذه المنطقه , و قد ساعدتها تلك الخلفيه النشطه من التكامل لتجاوز العقبات الاحقه فى الفترات التى تراجعت فيها الاداره بسبب تصفيتها و اختفى من حياة الناس هذا المؤتمر الهام و سنذكر باختصار اهم الاحداث التى لحقت و نعتقد انها كانت نتاج رصيد وافر من الثقه و حسن العلاقه و التعايش الراسخ فى وجدان هذه القبائل :1 \ فى العام 1958 م عندما اجتاح التمرد مناطق الشلك شهدت ديارهم اكبر هجره للشلك شمالا فى التاريخ الحديث و قد قابلت قبائل اولاد حميد و كنانه و سليم التى هاجر الشلك اليها اخوية صادقه فتم ايواء المشايخ و انشاء الاطفال بانسانيه كبيره بل وصل الحال – و قد تمت الهجره فى اواخر الصيف – الى ان طلائع هذه القبائل تستقبل المهاجرين بالماء فى مجاهل الغابات انقاذا لهم من الهلاك . 2\ رد الشلك هذا الجميل ابان احداث التمرد الذى يقوده غير الشلك و ذلك بتوصيل اخبار الهجوم على القرى و الفرقان قبل وقوع الحادث اذ لم يفاجا الناس مطلقا باى هجوم للتمرد و هذا السلوك تقريبا هو الذى دفع سليم و اولاد حميد ااتنازل عن المطالبه بديات قتلاهم فى قريض ( 67 من اولاد حميد ) وودكونة ( 18 من سليم ) و ذلك بعد حدوث السلام و الاستقرار. 3\ شاركت قبائل سليم الشلك فرحتهم بعودة قيادتهم و احتفلوا معهم مشاركين فى مراسم تنصيب رث الشلك الحالى كنقوداك فديت بالمال و الرجال .4 \ نظمت امارة اولاد حميد حفلا مشهودا بنادى الضباط بالخرطوم فى 20\10\97 احتفالا بتوقيع اتفاقية فشوده للسلام تم فيه تكريم د.لام اكول و السيد رث الشلك وسط حضور كثيف من كبار رجال الدوله .5 \ سيرت امارتى اولاد حميد و كنانه قافلة المحبه والسلام فى ديسمبر 1979م الى محافظة فشوده هديه لرث الشلك دفعت فيها كميات من الذره و الابقار و الضان احتفالا بالسلام . 6\ رد رث الشلك بزيارة كريمه لمحافظة ابو جبيهه و قبائلها فى 13\5\1989م .كل هذه الامثله تقف شاهدا على ان للاداره الاهليه دورا هاما فى الماضى و الحاضر و المستقبل فى ترسيخ الوحده الوطنيه و تثبيت دعائم التعايش السلمى بين ابناء المجتمع السودانى .ياتى استعراض هذه الامثله على المستوى المحلى فقط و لكن لرجال الاداره الاهليه مساهمات لا يمكن حصرها فى مثل هذا الحيز الضيق فى مجالات السلام و الحوار و صنع السلام من الداخل و قد برز فى هذا الجانب الامير نبيل سعيد امير امارة الكواليب و الامير كافى طياره و قد ساهم المكتب التنفيذى لزعامة الاداره الاهليه بزيارات ميدانيه لولاية كسلا و جنوب دارفور فى 1979 و لاخرين من رجال الاداره الاهليه مساهمات واضحه فى نشر التعليم بين الرحل و محاولات تطويرهم مثل ما يقوم به العمده مصطفى عبد الله ابو نوبه احد عمد الرزيقات الماهرين فى جنوب دارفور , تجارب مدارس الرحل فى بادية اولاد حميد و فى شمال كردفان . رابعا:هو انقسام المسؤلين فى السودان و المثقفين الى قسمين قسم مدرك لواقع السودان من خلال نظره فاحصه لامكانيات الدوله و فعالية الياتها و اتساع رقعة السودان و تنوع مناخاته و اعراقه و ثقافته و هو بهذا لا يجد بدا من الابقاء و الاعتراف للاداره الاهليه بدور فى المناطق البعيده عن المدن و مراكز نفوذ الدوله وهو بهذه النظره يعد نصيرا للاداره الاهليه و قسم اخر ينظر فى تقديرنا للاداره الاهليه نظره سطحيه تمليها اما عقده تاريخيه او تاثير ما كتب و نسب للاداره الاهليه كصنيعه استعماريه او لارتباطاتها الحزبيه او للاعتقاد بانها واحده من ادوات الدوله التقليديه التى لاتصلح فى عهد الالفيه الثالثه فهو من هذه المنطلقات غير مؤمن باى دور يستند للاداره الاهليه فى هذا العصر و قد نتج عن هذا التباين و التجاذب لدى صناع القرار ضبابية وضع الاداره الاهليه فى علاقاتها باجهزة الدوله القضائيه و الاداريه و مؤسساتها كافه , و اصبحت هذه العلاقه ترتبط ارتباطا كبيرا بنظرة الوالى او رئيس الجهاز القضائى بالولايه و غيرها من الاجهزه الاقل فاذا قدر للولايه ان يكون واليها و معاونوه من النوع الاول الؤيد للاداره الاهليه قربوها و منحوها قدرا من التقدير و الاعانه و اذا كانو من الصنف الثانى الرافض لوجود الاداره الاهليه او دورها انزوت بعيدا عن مسرح التاثير ابان فترة ولاية هذا الصنف

مشكلة الحواكير والسياسة الادارية


مشكلة الحواكير والسياسة الادارية
مفهوم الحاكورة:- الحاكورة مشتقة من (الحكر) دالة على الحيازة والتملك وتجمع على حواكر وحواكير واصطلاحا هى رقاع من الارض محددة المعالم قسمت لاغراض الادارة العامة او جعلت اقطاعيات للاستفادة من ريعها ..اذن هناك نوعان من الحواكير فى دارفور هما الحاكورة الادارية وقد غلبت عليها مسمى الدار احيانا وحاكورة الجاه وهى اقطاعيات من الارض فى الحواكير تمنح لافراد الاستفادة من ريعها وليس لصاحبها قدرة لممارسة السلطة العاملة عليها .والحاكورة الادارية جزء من هيكل ادارى متدرج وتطلق على كل مستوى فيها اسم الحاكورة فنقول مثلا حاكورة العمدة ونقول حاكورة الشرتاى والسلطان والناظر والملك وهكذا .اذا تم تقسيم دارفور ايام سلاطين الى اربعة حواكير اى اقاليم كبيرة هى دارديما وتحتوى على اثناعشر شرتاوية فى جنوب غرب السلطنة ,والى دارتوقونج وفيها اثناعشر شرتاوية وسلطته على الشمال والى دارامو فى الجنوب الشرقى وتشرف على خمس ادارات . واخيرا داراباشيخ فى الشرق وتشرف على اربع ادارات . والشرتاى.والناظر. والسلطان (للمساليت والقمر والزغاوة كوبى وللبيقو) جميعهم فى درجة واحدة من السلم الادارى .لقد كانت ادارة الدولة لامركزية حتى ان الحواكير المركزية مثلت حيازة مصغرة تماثل الدولة فى جمعها للاركان الثلاث التى تقوم عليها اى دولة فى العالم وهى الشعب والارض والسلطة الحاكمة .والحاكورة الادارية ارض تمتلك شيوعا لكافة المواطنين فى حدودها . وبداخلها ملكيات خاصة للافراد تقنن الاعراف المحلية طرائق تملكها وهذا النظام فى تملك الارض ماخوذ باجمعة من الشريعة الاسلامية التى تجعل دار السلام ملكا عاما للمسلمين ولاهل دمتم.اى لكافة المواطنين فى الدولة الاسلامية ثم تترك التملك الخاص خاضعا لاعراف الناس فى بيئتهم .فعلى سبيل المثال فان الحصول على حيازة من الرض للانتفاع بها تتم باى من الوجوه الاتية :- عمارة عاديها اى عمارة الارض البور الذى لايعلم له مالك . وعادى نسبه الى قوم عاد للدلالة على قدم عمارتها والجهل بشخوص اخر عمارها .وهى مسالة متروكة للاعراف لتحديدها . انتقال الملكية من شخص لاخر بالبيع او الهبة او التوريث او يدفعها مهرا عند الزواج ...الخ انتقال اوكل اجزاء من الحاكورة الادارة الى اخرى بقرار يصدره السلطان او باتفاق بين الحاكورتين لتسوية نزاع على دم يدفع الارض دية للقتيل . وكامثلة لهذين تبين النوعين من الانتقال فقد درج السلاطين على ان يبدوا عملهم الادارى عندما يتولون السلطة باقتطاع جزء من حاكورة مجاورة لطرة واضافتها اليها اقرارا منهم انها موطنهم الاصيل . اما مثال دفع الارض دية فكثيرا نذكر منها دفع منطقة فوربرانقالدار مساليت ودفع الارض مندونقادية لنرنا...ولقد انشا السطان احمد بكر حاكورة شرتاوية تومونج (شطاية) باقتطاع اجزاء من الحواكير المجاورة اذ ان له انشاءها بعد الفراغ من تحديد حدود كل الحواكير فى المنطقة التى اراد ان يكافىء فيها رجل ظظهرت له الكرامات وهو الشرتاى (بورانانق) جد الشرتاى المرحوم محمد سراج كان السلطان وحده يملك سلطة منح الحاكورة بنوعيه. اسباب ودواعى الصراع حول الارض :-الارض مكنون الرزق ومستودعها وفى مقاصد الشرع فانها تتدرج تحت كلية المال الذى هو عصب الحياة وجبلت النفوس على حبها ...واهتمت الشرائع بصونها وحفظها وحزرت من التنازع فيها والانسان بطبعه مفطور على حب وطنه ولايترع ذلك الحب حتى وان جار وعسف بعض الاخرين فعلى الرغم من اعتساف المشركين على النبى (ص) واصحابه المجرمين فى مكة الاانها ظلت احب البلاد الى الرسول (ص) ..وللحاكورة فى وجدان اهل دارفور موقعا يشبه التقديس وكل منه يعتزبداره ووطنه وفى عهود سابقة لعبت الارض دورا هاما فى التماذج والانصهار القبلى وخاصة عند المجموعات المستقرة غير الراحلة فمثلا عند دراسة احوال قبيلة الفور تجدهم غير منتسبن الى الفروع التاريخية القديمة (الكنجارة التمورقا الكراكيت) وبدلا عن ذلك فانهم ينتسبون الى الارض الامر الذى دفع من استقر بينهم الى ان ينتسب هو الاخر الى الارض التى تؤويه فحدث بهذا تصاهرا جعل من الصعب اطلاق اسم القبيلة على الفور لانهم صهير متجانس من عناصر ارتضت بالانتماء لمجتمعهم فالانتساب الى الارض انتساب الى الاوعب والاكثر سعة من اصلاب الرجال الذين ينتمى اليهم المجموعات العشائرية او القبلية المتخلفة .وفى تاريخ دارفور يعتبر السلطان احمد بكر السلطان موسى سليمان (1982-1722) اعظم قائد ادارى فى سلسلة سلاطين الفور واليه تعود الادارة الامركزية وتوثيق عقود الارض وتدوين الدواوين وان لم يكن منطلقا فى ذاك من الفراغ حيث سبقه فى التنظيم الادارى والقانونى السلطان دالى (1551-1560) وهو صاحب القانون المعروف بقانون دالى .ماكان السلاطين يفرغون ايديهم ابدا من الارض بالتقسيم والمن اذ كانو يحتفظون بما تعرف باودية السلطان "روى كورى" وهى داخل الحاكورة الادارية ارالضى تابعة للسلطان تستزرع لصالحة وربما اعتبرت مجموعة من الحواكير على مستوى الشرتاويات ادوية سلطانية (روى كورى)يستوعب فيها السلاطين التحولات السكانية الطارئة وكذلك ماكانو يتركون اذارة جميع اراضى السلطنة لحكام الولايات الاربع الدمنقاوى والاباتوقونجوالابا امو والاباشيخ اذ كانو ا يحتفظون بتبعية ادارية مباشرة لحواكير جبل مرة الثمانية لهم وهى طرة. نورنا . لوبيخ . مرى. توردى . ونا .امو . ديرة ..ان صكوك منح الارض بواسطة سلاطين الفور اسلوب توثيقى فى تقنين الملكية وقد استفادت واحتجت بهذه الصكوك المجموعات السودانية القديمة من غربى النيل الى اخر حدود دارفور غربا وخاصا تلك التى تخص حقوق الافراد وقد اثار هذا النهج تساؤلا عند البروفسير اوفاهى الذى تساءل فيما اذا كان لحاكورة الجاه اصل فى النظام الاسلامى .ونحن نجيبه على ذلك بالتاكيد على ان لها اصل فى السنة النبوية اذ ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انطى الصحابى تميم ابن اوس الدارى واخوته ارض حبرون والمرحوم وبيت عينون وبيت ابراهيم ومافيهن قبل فتحها وبعد منصرفة من تبوك عام تسع للهجرة وكتب لهم وحذر الامة بعده من منازعتهم فى تلك العطية وتعرف الوثيقة او كتاب النى (ص) لهم بكتاب (الانطاء) ..وعلى هدى ذلك سار سلاطين الفور فى المنح وفى التحذير من اعراض والاغتصاب .عند مراجعة اسباب الصراعات القبلية فى دارفور خلال مايغرب من قرن اى بعد ضم دارفور الى السودان 1917م ونجد ان الارض شكلت محورا هاما للصراع ولاةتخرج الازمة الامنية الحالية من تاثيرات الصراع حول الارض على الازمة فواقعا شكل اخراج الناس من قراهم بعد حرقها ازقة اخلاقية وضغوط دولية واتهامات على السودان ولن تثبت اى حلول للمشكلة الااذا تم الاقتناع وواقعيا بانه لاتوجد سياسة لتوطين مجموعات جديدة على اراضى مجموعات اخرى .ان الصراع او المدافعة على الاراضى يبرره ويلزمه تعليم الديانات حين يثبت ان هناك سعى لاغتصاب الارض من اهلها ....ويجب الاينظر الى هذا الى ان الاسلام يدعوا الى الحرب ولاكن الحقيقة هى انه يحذر من الخضوع والاستسلام امام من يغتصب الرض بقوة السلاح ويعمد الى اخراج اهلها منها .وعن زيد بن عمر بن نفيل رضى الله عنه ان رسول الله (ص) قال من افتطع شبرا من الارض ظلما طوقه الله اياه يوم القيامة من سبع ارضين " رواه مسلم وجاء الامر بالقتال صونا للارض فى ايات عدة من القران الكريم منها قوله تعالى (الم ترى الى الملا من بنى اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا مقاتل فى سبيل الله فقال هل عسيتم ان كتب عليكم القتال الاتقاتلوا ومالنا الانقاتل فى سبيل الله وقد ةاخرجنا من ديارنا وابنائنا ) ويقول قائل كيف نتعامل مع النصوص تقول ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده وان الناس شركاء فى ثلاث الماء والكلا والنار ومن اجل هذين الاثرين يتناول البعض ويبرر الصراع على الرض وعلى مواردها على نحو مهلك ومدمر.والحق ان مفهوم الارض لله لايوجب نسخ النهى عن اغتصابها فليحصل الناس من الارض منافعها بوسائل التملك المشروع التى اقرها الشرع كما ان الشراكة فى الموارد الثلاث تكون فيما لم تختص بجهود الاخرين وفيما يجلب اضرار فالقاعدة التى يتعامل بها المسلم مع المجتمع هى انه لاضرر ولاضرار وعليه فان التاويل باطل وهى دعوة حق يراد بها باطل .. السياسة الادارية فى دارفور :- اذا كانت السياسة تعنى ةتحقيق الاهداف بتوظيف العناصر المتاحة فالن الهدف الادارى للسياسة الادارية ظل خاضعا لرغبات الحاكم لا المحكوم هنالك سمات مختلفة لعهود ثلاث فى ادارة فى دارفور هى عهد السلطنة وعهد الحكم الاستعمارى وعهد الحكومات الوطنية .ولتفهم وتحليل السياسات الادارية فى العهود المختلفة فان علينا متابعة تاثير الاركان التى تتقووم عليها السلطة فى ادارة (الشعب .الارض . السلطة الحاكمة ) .ففى عهد السلاطين كانت الارض تحتاج الى شعب يعمرها فكان الانسان ةاعظم قيمة من الاراضى فصممت السياسات الادارية على جعل دارفور ارضا جاذبة لاستقرار الناس واتخذ السلاطين وسائل هامة لذلك منها تخصيص الحواكير الادارية وحواكير الجاه للصفوة المتميزة علما او تجارة اواصلاحا ومنها العفو من الضرائب الباهظة وتوفير العدل بين الرعية ومساواة الناس فى الحقوق فكانت سلطنة الفور هى الوحيبدة التى كانت تعامل الناس على اساس العقيدة الاسلامية وبه كان الشخص يترقى الى اعلى الدرجات كالوزارة دون نظر الى وافده من البلدين .كذلك لم تكن الحاكورة اثنية مغلقة لامن حيث حرية الكسب والانتقال ولاحيث لزوم تبوا فرد من العناصر الغالب للمسئولية الادارية فيها وكانت هناك مرونة كافية لاستيعاب التحولات والطوارى عند تعديل حدود الحواكير او لابتداع المناهج الرشيده فى الادارة وتطبيقها ...وساعد على ذلك قيام نظام ادارى غير مذدوج كما سنلرى فى العهود الاحقة .اما فى عهد الحكم الاستعمارى فان الهدف قد تغير تماما حيث صار الهدف السياسى الادارى هو نهب ثروات البلاد وتوظيفها لصالح الاستعمار من خلال تكاليف ادارية غير مرهقة مع تامين اخضاع الشعب وكبحه من اى توجه نحو الثورة والتحرير فوجدت بغيتها على اقدار فى النظام الاهلى الذى حرفها لتكون نظاما قوامه القبلية وحتى لاتجتمع القبائل على محاربة الاستعمار فان السياسات سعت لترسيخ الاختلاف والتفرق وخلق منافسة بين القبائل قوامه نيل الخطوة والرضى من الاستعمار وادخل فى السياسة الادارية مفهوم الحاكورة الاثنية وكانت السلطات الاستعمارية هى التى تقوم بالاختبار وبالمحاسبة ولم يكن ةللمواطنيين قرار فى من يحكمهم وكيف ؟جاءت الحكومات الوطنية فوقعت مبكرا فى ماذق التوفيق بين مطلوبات تحديث الدولة بتحديث النظام الادارى القائم على الفصل بين سلطات ثلاث (تنفيذية , وتشريعية , وقضائية) بين الاستمرار فى نهج الادارة التقليدية التى تجمع هذه السلطات جميعا فى يد رجل واحد هو زعيم الادارة الاهلية ..ولم يكن الحظ فى الماذق لماذق حول ادارة الارض افضل من ادارة شان المواطنين .ذالك ان الاذدواج فى تقسيم الارض لتذليل الادارة ظل قائم من خلال وجود النظام القديم على الحواكير والنظام المستحدث القائم على التوزيع اساس الوزحدات الادارية التى اتخذت عدة مسميات خلال سنى الاستقلال فصار الازدواج قائما على تقسيمات الارض وعلى السلطات التى تنازعها رجال الادارة الاهلية واجهزة الدولة المطلوبة لحداثتها .ولكن من اخطر التناقصات التى وقعت فى ظل الحكم الوطنى والتى افضت الى المنازعات ثم الحروبات بين القبائل ماسمى بممارسة اشخاص سلطة على ادارة وحكم الارض التى يقيمون عليها ان وهذا الفصل مستحيل اذا لاتوجد سلطة دون ارض وشعب معا وماكان ينبغى معالجة التعديلات اسكانية التى اغتضاه ظروف ةالعيش بهذه الطريقة الاان لجاء اليها الالداريون فى السودان وكان من الممكن ةان يوظف الانتقال ويعتبر ادارة تواصل بين القبائل ويوجه نحو الاندماج بدلا من تاكيدوترسيخ مفهوم التفرق الذى تدعو اليها النظرة القبلية .ان العناظر التى منحت السلطة على الافراد فى مناطق غير ديارها الاصلية عمدت الى اغتصاب الارض تحقيقا للاركان المطلوبة لاقامة سلطة فادخلت السياسة الادارية البلاد فى توان الصراع .كذلك نلرى ةان السياسة الادارية لم تعبا اطلاقا بتنظيم ةالهجرة الى السودان فدارفور تجاور الان ثلاث دول (بعد ةان عد حدودها التاريخى مع الدولة الرابعة فى اخفاق ادارى اخر ستوقع متاعب مهما طال الزمن ) وهذه الحدود ظلت مفتوحة امام هجرة الافرىاد والمجموعات التى استوطنت السودان وتلقت المناطق الحدودية صدمات اشبه بالصفعة لان هذه المجموعات بدوية ضعيفة الدين يغلب عليهم الجهل والسلوك الجاهلى ..ووقفت الدولة كمتفرج امام اعداء هذه المجموعات على السكان الامنيين بل احيانا كمعين ةلهم فى التمكين لنيل حقوق سيادية فى الارض وفى الادارة وولوج الاجهززة المعنية بامن وسلامة المواطنين السودانيين .واخيرا نشير الى محطة هامة فى السياسة الادارية يبدوا ان الهدف منها كان ازالة الازدواجية الادارية مابين التحديث والموروث ونقصد بها سياسة الغاء الادارة الاهلية وهى سياسة افشلها عجز الحكومات فى تامين ولاء شعبى لها من دون جهاز الادارة الاهلية . ولا اتفق اطلاقا مع الراى الذى يقول ان حل الادارة الاهلية وحدها هو الذى افضى الى الفوضى الامنية التى نشهدها فى مسرح دارفور فقد تم التراجع عن القرار مبكرا وان ظل التباكى قائما حول تمكين هذه الادارة منها الصلاحيات الكافية للعب دورها فى عهود الاستعمار او ربما فى عهود السلاطين ...ولااحد من المتباكين او المبكى من اجلهم يعلم كيف سيتم ذلك فى ظل الحاجة الى تحديث ادارة الدولة ...انها معادلة تحتاج الى تولية توفيقية بين المطلوبات كلها ... تجاهل تاثير الاركان الاساسية على الكيان الادارى المستقر . عدم ايجاد معادلة توفيقية بين مطلوبات الحداثة الى الموروث . طغيان التوجهات القبلية داخل الحاكورة والسعى نحو تاكيد الذات عوضا عن السعى نحو الاندماج الاجتماعى للمواطنيين . التجنى على الاعراف والتقاليد المنظمة لحيازة الارض وهى شرع واللجوء الى اغتصابها واخراج اهلها منها بالامر الذى يدفع الى الجهاد المقدس . عدم القدرة على تنظيم وضبط الهجرة واختراق الاجانب للاجهزة المعنية يحفظ امن وسلامة المواطن . عدم ايجاد معادلة موحدة فى كل بقاع دارفور للتعامل الادارى مع المجموعات التى استقرت فى غير ديارها المعلومة . الوقوع فى تناقص ايجاد سلطة على المواطنين من غير ارض . اضعاف الجهاز القضائى بانشاء محاكم قاعدتها القبلية ولاتوجد لبعضها دائرة اختصاص لانها منحت لاتفراد او مجموعات خارج ديارها . غياب الوعى للفصل بين حقوق المواطنة فى استقلال الموارد وزحرية التنظيم والتعبير السياسى وبين فرض السلطة قهرا او باقصاء الاخرين . عدم حيدة الاجهززة وضعف كفاءتها وازدواج معاييرها العدلية بما فى ذلك لجان الاجاويد التى تقع ةتحت تاثير السلطة الحاكمة ويمكن الرجوع الى قرارات وتوصيات المؤتمرات التاليةحول موضوع واحد هو الحواكير : مؤتمر 1989م بين الفور والعرب التوصية رقم (8) . مؤتمر كتم بين الزغاوة والعرب عام 1994م فقرة الارض والمراحيل (1.2) . مؤتمر 1997م بين الزغاوة والرزيقات التوصيات (15.14) . مؤتمر 1996م بين المساليت والعرب التوصية 7 / أ . مؤتمر الامن والتعليش السلمى لدارفور نيالا 1997م البند 6 . مؤتمر الصلح بين المساليت والعرب عام 1999م القرار (أ /1) .مقترحات الحلول :- المحافظة على حدود الكيانات الادارية والابتعاد من شبه التفكير فى اتغتصاب اراضى الغير . الفصل بين حق المواطن فى التملك والانتقال وممارسة الحقوق السياسية بين الحق الثابت للمقيم وعدم اجباره على ترك مواطنه بازاحته وقهره .3[: تنقية الكيان الادارى من مظهره القبلى المتغلق الى كميان جامع يتحقق داخله المساواة فى الحقوق والواجبات ويسود فيه من هو احرص على مصالح المواطنيين باختيارهم . الغاء الكيانات الاقائمة على الافراد دون الارض وايلوله التبعية الادارية للمجموعات والافراد الذين استقروا فى غير ديارهم الى ادارة الدول التى استقروا فيها مع تاكيد حقوق المواطنة لهم . ضبط الحدود وتنظيم ومراقبة الهجرة وعدم تمكين الاجانب على التاثير فى امور السيادة الوطنية مهما تكن المبرات . التوفيق مابين مطلوبات الحداثة والتمسك بالتراث الادارى القديم . التزام العدل وتوخيه من قبل كافة الجماعات والاجهزة الحاكمة والمعنية على الاصلاح وعدم الكيل بمعايير مزدوجة

ندوة دارفور الازمة والابعاد بطرابلس

ندوة دارفور: "الأزمة والأبعاد"
أكاديمية الدراسات العليا بطرابلس، بالتعاون مع أمانة اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية
30 الحرث (نوفمبر)/ الأول من كانون (ديسمبر) 2004
البيان الختامي ومدخل مقترح لحل أزمة دارفور

عقد مركز الدراسات الأفريقية والدولية بأكاديمية الدراسات العليا بطرابلس، بالتعاون مع أمانة اللجنة الشعبية للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية ندوة حول "دارفور: الأزمة والأبعاد" بتاريخ 30/11– 1-12 2004 إفرنجي حيث قُدمت مجموعة مميزة من الأبحاث الجادة بمشاركة علماء وباحثين وسياسيين من المهتمين بهذه القضية من داخل الجماهيرية وخارجها*، وبحضور مكثف من المواطنين السودانيين بخاصة أبناء دارفور.

وقد أثرى المشاركون هذه الندوة بأبحاث غطت المحاور الآتية:
* المحور الأول: جذور الأزمة وأطرافها المحليون
* المحور الثاني: تطور الأزمة وأبعادها السياسية والاقتصادية
* المحور الثالث: الدور الليبي والعربي والأفريقي في تسوية الأزمة
* المحور الرابع: الدول الكبرى وإدارة الأزمة

وحيث:
يرى المشاركون في ندوة "دارفور: الأزمة والأبعاد" المنعقدة بأكاديمية الدراسات العليا، طرابلس، الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمي، أن الحل النهائي لأزمة دارفور الماثلة لا يمكن أن يتأتى إلا في إطار التصدي للأزمة العامة في البلاد عبر الاتفاق على مشروع وطني قومي، للخروج بالبلاد من أزمتها، مشروع يراعي التعدد الاثني والتفاوت التنموي في مختلف ربوع البلاد، ويتصدى، عبر الديمقراطية ومشاركة الجميع، لقضايا التنمية المتوازنة والمشاركة العادلة في السلطة والتوزيع العادل للثروة بحيث نحتفظ بالسودان موحداً وآمناً لكل سكانه. هذا وحده هو الذى يحول دون تدويل الوضع في دارفور، وهذا وحده هو الذى يجعل الحل السياسي الديمقراطي الشامل لأزمة الوطن سودانياً قولاً وفعلاً.

ويرى المشاركون أن المدخل السليم لحل أزمة دارفور هو الاعتراف بأن ما يحدث في دارفور هو إفراز حقيقي للأزمة العامة التى يعيشها السودان، والتى من أبرز تجلياتها التهميش المتواصل لأطراف البلاد ومن ضمنها دارفور منذ الاستقلال، وأن المشكلة سياسية تتطلب حلاً سياسياً قومياًً. لكن الوضع المأساوي المتفجر الآن في الإقليم يفترض تنفيذ تدابير عاجلة وفورية منها:

* التزام كافة الأطراف بالوقف الفوري لإطلاق النار.

* العمل على تأمين عودة النازحين واللاجئين الى ديارهم الأصلية وحمايتهم وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار، وتوفير وتوصيل الإغاثة من غذاء وكساء ودواء ... الخ إليهم عبر ممرات آمنة وبمساعدة المجتمع الدولي.

* لتنفيذ عودة النازحين واستقرارهم في أمن يتوجب دعم قوات الاتحاد الأفريقي الموجودة حالياً في دارفور وتحويلها من مجرد قوة لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية المراقبين إلى قوات ذات صلاحيات واسعة لتنفيذ اتفاقيات وقف إطلاق النار وتقديم الحماية المباشرة للمواطنين والإشراف على تأمين عودة اللاجئين الى قراهم ومواطنهم وتأمين وصول الإغاثة وكافة الخدمات الضرورية لهم.

* تكوين لجنة قومية لإسعاف دارفور؛ وإنشاء صندوق خاص لاعمار دارفور تصب فيه الإعانات الخارجية والاعتمادات المحلية من خلال غرفة عمليات تضم إلى جانب الحكومة المركزية كافة الفصائل والأطراف المنتمية إلى دارفور، وتعمل تحت مراقبة الاتحاد الأفريقي؛ وتكون لها فروع في مختلف مناطق دارفور؛ وتشرف على برامج إعادة المهاجرين واستقرارهم وتعويضهم.

* دعوة جميع أبناء وبنات دارفور؛ للارتفاع على جراحاتهم وتعميق ثقافة السلام وإعادة العلاقات الاجتماعية الطيبة بين مختلف أبناء دارفور وتكويناتها؛ وان تنخرط العناصر والشخصيات والقوى الدارفورية المختلفة في حوارات مباشرة فيما بينها فوراً؛ تفويتاً لكارثة قيام حرب أهلية شاملة في الإقليم. نناشد أن يتم ذلك عن طريق الإسراع بعقد ملتقى الفعاليات الشعبية والاجتماعية بدارفور الذى دعا له الأخ قائد ثورة الفاتح؛ تشارك فيه أطراف النزاع المسلحة؛ والقيادات القبلية والأهلية؛ ومنظمات المجتمع المدني في دارفور مستصحباً كل مبادراتهم لحل النزاع في الإقليم، وتتخذ القرارات فيه بالإجماع والتراضي؛ وتكون قراراته ملزمة للجميع كخطوة أولية باتجاه التحضير للمؤتمر القومي السوداني الشامل.

* حظر الطيران الحربي العدائي في دارفور تأكيداً على ما جاء في البروتوكول الأمني الموقع في أبوجا برعاية الاتحاد الأفريقي (التاسع من نوفمبر 2004 م.)، ومراقبة كل وسائل النقل البري والمنافذ لمنع دخول السلاح بالتنسيق مع دول الجوار.

* يأتي، بعد تنفيذ هذه التدابير العاجلة، دور التصدي لجذور المشكلة ومسبباتها وتقديم الحلول الناجعة لها. وهذا لا يتأتى إلا عبر مؤتمر سياسي جامع يسع كل القوى السياسية في البلاد، بما في ذلك القوى المعارضة المسلحة في دارفور، ويمثل فيه أهالي دارفور بمختلف قطاعاتهم. لكن نجاح مثل هذا المؤتمر يتطلب مناخاً يكفل الحرية والديمقراطية، ومن هنا ضرورة إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وكافة القوانين الاستثنائية التى تحول دون إبداء المؤتمرين لآرائهم دون خوف أو وجل.

* محاسبة ومحاكمة كل من تورط في جرائم ضد المواطنين في دارفور؛ وخصوصاً الجرائم ضد المدنيين؛ وتكوين لجنة للبحث عن الحقائق وتوثيقها تحت إشراف الاتحاد الأفريقي؛ يُعفى من المسؤولية الجنائية من يعترف أمامها بجرائمه ويكشف كل تفاصيلها؛ على غرار لجنة الحقيقة في جنوب أفريقيا.

* تتبني الحكومة المركزية برنامجاً قومياً لاعادة اعمار وضمان نهضة دارفور؛ ويلتزم بالمناداة به والعمل من أجله في كل المحافل المحلية والإقليمية والعالمية المتعلقة بقضية دارفور ومواطنيها ويمكن أن يشتمل البرنامج على:

1. صياغة مشروع قومي لمواجهة التدهور البيئي في دارفور؛ وإنشاء مركز قومي لدراسات البيئة يكون مقره دارفور؛ وإنشاء مؤسسات أخرى جديدة؛ وتوفير كل الموارد لها.
2. تخصيص نسبة متوازنة من الخزينة العامة لميزانية الإقليم تتناسب مع عدد السكان وإسهام الإقليم في الدخل القومي؛ وتخصيص 50% من عوائد البترول المستخرج بالإقليم لصالح الإقليم.
3. الاهتمام بتوفير المياه في مناطق الإقليم المختلفة؛ وذلك بإقامة السدود والحفائر ومقابض المياه؛ وبما يوفر الهدر المائي الهائل في الإقليم؛ وذلك في وجود موارد مائية كبيرة في وسط دارفور وجنوبها.
4. تأسيس ودعم الاستثمار المركزي والإقليمي في بناء وتأهيل البنية التحتية في الإقليم؛ من بناء الطرق والجسور ومحطات الطاقة والاتصالات وغيرها.
5. إكمال الطريق الغربي؛ ومحاسبة كل من تورط في الفساد في جميع مراحل تخطيط المشروع وتنفيذه؛ وان يمول المشروع عن طريق الحكومة المركزية والدعم الأجنبي.
6. الوصول إلى اتفاقات ترعاها الدولة ومؤسسات المجتمع المدني بين القبائل المختلفة؛ تقوم على ضمان ملكية الأرض بالنسبة لمالكيها؛ والسماح باستخدامها وفق شروط ميسرة لكلا الجانبين - القبائل الرعوية والمترحلة.
7. حل مشكلة الأرض في دارفور؛ بما يؤدي إلى تثبيت الملكية الموثقة للأرض مع تطوير نظم أكثر دقة وجدوى اقتصادية.
8. الاهتمام بتوطين الرعاة الرحل؛ وذلك بالاستفادة من تجربة وخبرة الجماهيرية (النهر الصناعي العظيم) في توصيل المياه إلى مناطقهم؛ وتشجيع الدولة للنشاطات الاقتصادية التحويلية والحرفية والمرتبطة بإنتاج الأعلاف وبالصناعات الغذائية في مناطقهم.
9. دعم النشاطات الاقتصادية لمزارعي الإقليم؛ المتوجهة نحو الإنتاج التجاري؛ وذلك بتقديم القروض المسهلة لشراء مدخلات الإنتاج والآلات والتقنيات

قراءة تاريخية للصراع في دارفور .. نقلأ عن الرأي العام


قراءة تاريخية في سيرورة الصراع في دارفور
عادل عبدالعاطي
2004/7/31
لمحة عامة عن إقليم دارفور
يقع إقليم دارفور فى أقصى غرب السودان، ما بين خطي العرض 10- 16 درجة شمال وخطي الطول 22-27 درجة شرق، وتصل مساحته الاجمالية الى 160 ألف ميل مربع، أي، ما يساوي مساحة فرنسا، وتشكل حدوده الغربية حدود السودان الخارجية مع عدة دول، ومن بينها مصر (قبل الترسيم لحدود الإقليم)، وليبيا، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى.

ويدين سكان إقليم دارفور بالإسلام. وتسكن الإقليم مجموعات قبلية وعرقية واثنية مختلفة، تصل عند البعض الى 170 مجموعة اثنية، من أهمها الفور والتى أخذ الإقليم اسمه منها، وقبائل البقارة العربية مثل الرزيقات والبني هلبه والمعاليا، وقبائل الزغاوة والميدوب والمساليت والتنجر والداجو والقمر الحامية الخ، وكذلك قبائل الأبالة العربية مثل المهرية والزيادية والمحاميد الخ، ويتقاطع العديد من هذه المجموعات مع امتدادات لها فى الدول المجاورة، وخصوصا دولة تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى .

وقد قامت فى إقليم دافور قديماً ممالك مستقلة، من أهمها سلطنة الفور، والتى استمرت فى الوجود منذ القرن الخامس عشر الميلادي، واندثرت فى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تحت ضغط التركية والمهدية، ثم انبعثت فى العام 1898 على يد السلطان علي دينار، وواصلت الوجود حتى العام 1917، حيث انهزمت نتيجة للتفوق الحربى الإنجليزي، وقد كان إقليم دارفور بذلك آخر إقليم يُضم للسودان تحت الاحتلال الإنجليزى الذى سيطر على أغلب أجزاء البلاد فى العام 1898.

ويتميز إفليم دارفور الذى يتوزع مناخه ما بين المناح الصحراوي وشبه الصحراوي فى الشمال، والسافنا الفقيرة فى الوسط، والسافنا الغنبة في الجنوب، باحتوائه علي وديان ومجاري مائية متعددة، وتضاريس سهلية وجبلية مختلفة، ومن بينها أعلى هضبة فى السودان، وهى الهضبة التى تسمى بجبل مرة، والتى يصل ارتفاعها الى ثلاثة آلاف متر.

ويعمل أهل دارفور عموماً بالرعي والزراعة، وتكاد الأنشطة الإنتاجية تتوزع مناطقياً وقبلياً فى وحدات ايكولوجية- اثنية، حيث يعمل سكان الجزء الشمالي من الإقليم من قبائل عربية في رعي الابل (الأبالة)، بينما يعمل سكان القطاع الأوسط من الفور والقبائل غير العربية الأخرى المستقرة فى الزراعة، بينما يعمل سكان المناطق الجنوبية من القبائل العربية فى رعي الأبقار (البقارة).



دارفور تحت الحكم الإنجليزي وفي العهد الوطني
تميز إقليم دارفور عبر التاريخ بوجود وحدة سياسية، عبرت عنها الدولة الفيدرالية لسلطنة الفور، كما تشكلت فى الإقليم بيئة ثقافية اجتماعية ميزته عن باقي أجزاء السودان، رغماً عن الأصول العرقية المختلفة لسكانه، وحركات الهجرات الكبيرة داخل الإقليم وخارجه، واختلاف نمط النشاطات الاقتصادية فيه.

وقد تعامل الاستعمار الإنجليزي بحذر مع إقليم دارفور، وهمشه بصورة كبيرة، ومارس فى أجزاء منه سياسة المناطق المقفولة، وذلك خوفاً من انتشار الروح الثورية والنزعات الاستقلالية الكامنة فى دارفور، والتى عبرت عنها ثورة الفكي عبدالله السحيني فى 1921، والانتفاضات التى تلتها، وولاء دارفور للإرث المهدوي المناضل. هذه الروح الثورية عبرت عنها دارفور بإعلان استقلال السودان من مدينة عد الغنم (عد الفرسان)، عبر شخص المناضل الوطني السيد عبدالرحمن دبكة.

أما العهد بعد الكولونيالي فقد تميز باهمال وتهميش مماثل للإقليم ومواطنيه وقضاياهم، حيث لم تهتم الحكومات المتعاقبة بانشاء البنية التحتية في دارفور (بناء الطرق، وتوفير الطاقة الكهربية، وحفر آبار المياه الخ.) كما لم تهتم بتوسيع التعليم ولا بتوفير الخدمات الصحية والبيطرية الخ، وفى ذلك لم تختلف الحكومات العسكرية عن المدنية، بما فيها حكومات حزب الأمة المختلفة، صاحب الأغلبية الكاسحة فى الإقليم، والذى ظلت دارفور تقدم له الدعم السياسي والعسكري عبر العقود.

فى كل هذا اعتمد مواطنو دارفور علي أنفسهم، عن طريق نشاطاتهم الإنتاجية التقليدية فى مجالي الرعي والزراعة، وأداروا شئونهم وخلافاتهم عن طريق الإدارات الأهلية، بكل محاسنها ومساوئها، وعلموا بعض أبنائهم عن طريق مدخراتهم وبالجهد الذاتي، فيما رفعت الدولة يدها عن واجباتها نحوهم تماماً.

بالمقابل فقد أسهم مواطنو دارفور ايجابياً في كل النشاط الوطني والاجتماعي، حيث شاركوا فى النضال ضد الدكتاتوريات، مثل ديكتاتورية عبود والتى قاومها أهل الإقليم سواء بدعم حزب الأمة، أو عبر منظمة سوني، وجبهة نهضة دارفور، أو دكتاتورية مايو والتى سجل أهل دارفور أنصع السطور فى مقاومتها منذ البدء، مروراً بمشاركة أبنائهم فى حركة الشهيد محمد نور سعد، وانخراط كامل الإقليم فى انتفاضة دارفور فى 1980-1981، أو غيرها من المساهمات.

كما كان لدارفور اسهام كبير فى الدخل القومي السوداني والناتج القومي وعائدات الصادر، حيث يسهم الإقليم بمحاصيل نقدية مهمة، ترجع عوائدها والفائض منها الى الخزينة المركزية مثل السمسم، والصمغ العربي، والكركدي، وحب البطيخ، إضافة الي اسهامه الهام بالثروة الحيوانية، وكذلك الاسهام بمنتجات البترول المستخرج فى الإقليم.

ان واقع التخلف والتهميش الذى عانت منه دارفور فى خلال العهد الوطني، والذى انعكس سلباً على مواطنيها من مختلف الأصول القبلية وفى جميع مناطق دارفور، إنما تتحمل مسئوليته فى المقام الأول النخب العسكرية والمدنية الفاشلة والأنانية التى حكمت السودان، والمنحدرة غالباً من مناطق الوسط النيلي، والتى هيمنت علي الحكومات المركزية، وسيطرت علي جهاز الدولة، واستخدمته مصدراً لتراكم الثروة واحتكار السلطة.

من بين هذه النخب تتحمل قيادة حزب الأمة الأسرية الطائفية مسؤولية مباشرة، والتى يفترض لكل تاريخ دارفور النضالي والداعم لهم، وارتباط أهل الإقليم التاريخي بطائفة الأنصار وحزب الأمة، أن يجدوا اهتماماً أكبر بهم من قيادة ذلك الحزب، فكان جزاؤهم منه جزاء سنمار. كما تتحمل المسئولية أيضاً بعض القيادات الدارفورية ممن وضعت نفسها مطية لمختلف الأحزاب الطائفية والعقائدية والأنظمة العسكرية، تستخدمهم مخلب قط فى سياساتها المعادية لمواطني دارفور.

التدهور البيئي في دارفور والصراعات القبلية
أدى الاهمال الواضح للحكومات المتعاقبة لقضايا الإقليم، وعدم وجود أي تصور تنموي لها، والتعامل العدمي مع واقع التدهور البيئي فى دارفور، والذى هو جزء من التدهور البيئي العام فى منطقة الساحل، مرتبطاً بالزيادة المطردة فى عدد السكان ورؤوس المواشي والحيوانات، الى كارثة بيئية وسياسية خطيرة ضربت إقليم دارفور، بدءاً من أوائل السبعينات فى القرن الماضي، ولا تزال مستمرة الى اليوم.

أدى هذه التدهور البيئي، والذى سببته ظواهر طبيعية مثل الجفاف والتصحر، والتى لم تجد أية برامج لتجاوزها والحد منها، وكذلك انعدام الإدارة الجيدة للموارد المتوفرة الشحيحة، واهمال وتآكل أو انعدام وجود المؤسسات المعنية بحماية البيئة وتطوير الموارد، مثل برامج حماية الغابات والغطاء النباتي، وحماية التربة الخ، ومؤسسات الارصاد الجوي، واستغلال المياة الجوفية، واستصلاح الأراضي الخ، الى ان يواجه مواطن دارفور الطبيعة منعزلاً وفى ظل أدوات ضعيفة، فكان لا بد له من الانهزام.

أدى هذا الى هجرات واسعة من مناطق شمال دارفور، من القبائل الرعوية، الى مناطق وسط وجنوب دارفور، الأمر الذى أفضى الى تكدس سكاني كبير فى منطقة ذات إمكانيات بيئية وإنتاجية محدودة، فقاد هذا الى تدهور مماثل فى الموارد بتلك المناطق، نتج عن الاجهاد الرعوي والزراعي، والرعي الجائر وقطع الأخشاب وتدمير الغطاء النباتي، الخ.

فى ظل هذا الوضع انفجرت الصراعات الاثنية والقبلية بين المجموعات المختلفة، طوال أعوام السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، والتى لم يمض عام دون أن تنفجر فى تلك المنطقة أو تلك، من مناطق دارفور حيث يتم التماس والصراع علي موارد محدودة، بين مجموعات تبحث عن الماء والكلأ والأرض لأفرادها وقطعانها.

فى كل هذا لم تتتخذ هذه الصراعات طابعاً عنصرياً، وإنما كانت تتم إما بين المجموعات الرعوية والمجموعات الزراعية، أو بين مختلف المجموعات الرعوية، وكانت بالقدر نفسه الذى تدور به بين المجموعات غير العربية والعربية، تدور أيضاً بين المجموعات العربية فيما بينها ، أو بين مجموعات غير عربية مختلفة.

فى كل هذا، فقد قامت الدولة المركزية بدور سلبي، وكما لم تقم بأية مجهودات للتنمية وتطوير البنى التحتية وحماية الإقليم من آثار الكارثة البيئية، فانها لم تتدخل لتطويق الصراعات القبلية، وإنما تركت أمر حلها للقيادات القبلية والمحلية، والتى كانت تبذل وسعها لحل تلك الصراعات وفق العرف المحلي، لكن استمرار التدهور البيئي وضعف الموارد كانا السبب الرئيس للصراع، مما لم تكن تلك القيادات الأهلية تملك إمكانية حله حلاً جذرياً.

الحكومات المركزية تقدم دارفور قرباناً لمصالحها الإقليمية والعالمية
وكأن كل هذا لم يكن كافياً، فقد أدخلت الحكومات المركزية دارفور فى معمعة الصراعات الإقليمية والعالمية، وجعلت منها معبراً وحديقة خلفية لمختلف القوى المسهمة فى الصراعات فى الغرب من الإقليم، أي، فى الجماهيرية الليبية، ودولة تشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطي.

فقد قامت حكومة المشير نميري بالتدخل المباشر فى النزاع التشادي – التشادي، والتشادي الليبي تنفيذاً لمخططات عالمية ليس للمواطن الدارفوري أو السوداني عموماً مصلحة فيها، فدعمت قوات القائد حسين هبري، وساعدته فى الوصول الى السلطة فى تشاد، وفى الحرب ضد ليبيا من بعد، ووضعت نفسها بذلك كأحد أطراف النزاع، وأدخلت دارفور الى محرقة الصراعات التشادية المريرة.

وبعد انهيار نظام المشير نميري، غيرت حكومة الصادق المهدي تحالفاتها، واتجهت لتاييد ليبيا، وذلك لرد بعض ديونها القديمة والجديدة للعقيد القذافي، ومن ضمنها دعمه لحزب الأمة في السبعينات، ودعمه لحملة حزب الأمة الانتخابية فى 1986، ففتحت إقليم دارفور أمام قوات الفيلق الإسلامي المتعددة الجنسيات والموالية لليبيا، وكذلك أمام قوات القائد التشادي بن عمر، وغيرها من القوى والجيوش والمليشيات.

أما نظام الإنقاذ فقد قام بدعم قوات القائد إدريس دبي، وساهم بدور كبير فى دعمه وتوفير الحماية والعمق له فى إقليم دارفور حتى نجح فى الاطاحة بالرئيس حسين هبري، واعتلاء سدة الحكم فى تشاد مع أوائل التسعينات.

أدت هذه التدخلات غير المسئولة، والسماح للجيوش الأجنبية بدخول الإقليم والتحرك فيه والضرب منه والهرب إليه، الى ان تتوفر بالإقليم كميات هائلة من الأسلحة الحديثة، كانت تتوفر من فلول كل جيش مهزوم، والى تقوية نزعات ثقافة الحرب والقتال فى دارفور، والى الدفع بقبائل كاملة من دارفور لمحرقة الصراع فى تشاد دعماً لهذا الطرف أو ذاك.

إن الحكومات المركزية، بدلاً عن أن تغلق الحدود الغربية وتحميها بقوة، وان تتخذ موقفاً متوازناً من أطراف الصراعات التشادية، وأن تنأى بنفسها عن التدخل فى شؤون الدول الأخرى، قد ارتضت لنفسها أن تصبح مخلب قط للقوى الإقليمية والعالمية، فى حروبها الباردة والساخنة، وان تستخدم إقليم دارفور فى كل ذلك، وتقدمه قرباناً لمصالحها الضيقة وغير الوطنية، وأن تدفع بمواطنيه الى خيارات لم يختاروها، ولا تنسجم مع مصالحهم الحقيقية ولا رغباتهم.

النهب المسلح والانفراط الأمني وسياسات التجاهل والقبضة الحديدية
أدى الانهيار البيئي المتصاعد، وهجرة العديد من القبائل من مناطقها التقليدية، والتفكك الذى تم فى مؤسسة القبيلة، وخصوصاً بعد انتقال قبائل كاملة للعيش فى المدن، وتوفر السلاح بصورة واسعة، ودخول عناصر أجنبية على الإقليم من فلول القوات التشادية والأفريقية المختلفة الى دارفور، كل ذلك أفضى الى بروز ظاهرة النهب المسلح وسيلةً لكسب العيش وأسلوباً جديداً للحياة.

وقد انتشرت ظاهرة النهب المسلح، التى تعتمد على ارث نظام الهمبتة القديم، ولكنها خالية من كل أخلاقيات الهمباتة، لتمارس من عناصر ناشذة عن مجموعاتها القبلية، تدعمها عناصر من خارج الإقليم، لتمارس تجاوزاتها بقسوة وعنف ضد المواطن الدارفوري المغلوب على امره. وقد هناك عناصر من القبائل العربية وغير العربية والمختلطة، ومن القبائل الزراعية والرعوية، ومن العناصر الوافدة والمحلية، ولم تكن بأية حال ظاهرة مرتبطة بقبيلة معينة، كما أراد بعض العنصريون والمتحيزون أن يذهبوا من بعد.

وأمام التسليح الجيد لعصابات النهب المسلح، وتمرس أعضائها علي فنون القتال، وضعف اهتمام الحكومة المركزية بالأمن فى الإقليم، واهمالها لقوات الشرطة، أخذت عصابات النهب المسلح تزذاد قوة مع بزوغ فجر كل يوم جديد، وكانت تكسب العديد من معاركها أمام الشرطة، وتحولت الى كارثة أمنية خطيرة تهدد كل الإقليم وطرقه وحركة البضائع والمسافرين فيه.

قامت حكومة الصادق المهدي بتجاهل هذه الظاهرة، حتي عندما تناولتها، نظرت لها بمعزل عن الأزمة الشاملة فى دارفور، ولم تقدم أية برامج شاملة لاستعادة الأمن فى دارفور ومحاربة الظاهرة وجذورها وتجفيف منابع السلاح فى دارفور استجابة لمصالحها الإقليمية ودفعها الثمن لما قدم لها قديماً وحديثاً.

رأت سلطة الإنقاذ من جانبها أن تلجأ الى أسلوب القبضة الحديدية، فأرسلت رجلها المشهور بـ "الطيب سيخة"، لكيما يحل المشكلة الأمنية فى دارفور، وذلك باستخدام القوة الغاشمة العمياء، دون أية برامج اجتماعية وثقافية أو تعاون مع القوى الأهلية والمدنية فى الإقليم، فكان لزاماً أن تنتهي سياسته بالفشل، وأن يظل النهب المسلح والانفراط الأمني سائداً فى دارفور.

من الجهة الثانية فقد عمدت الإنقاذ الى اتهام قبائل بعينها، بممارسة النهب المسلح، استجابة لدعاويها وتحيزاتها العنصرية، وكأن قبيلة كاملة يمكن أن تكون عصابة. كما ان الإنقاذ قد وصفت كل محاولات الانتفاض ضدها فى دارفور، وكل بذور المعارضة السياسية لها هناك، بأنها عصابات نهب مسلح، فميعت بذلك الحدود ما بين الصراع السياسي والصراع الأمني، وأفسدت من حيث زعمت الاصلاح.

نظام الإنقاذ واستفحال الازمة في دارفور
أسهم نظام الإنقاذ لقسط وافر فى استفحال الأزمة فى دارفور، وواجهت دارفور على يديه أقسي أشكال المعاناة والاضطراب والدمار، مما لايشبهه إلا الخراب المتحقق بعد هزيمة السلطان إبراهيم قرض على يد الزبير باشا فى 1874 وانهيار السلطنة، والدمار الذى لحق بدارفور أيام المهدية، والحروبات والتفريغ الذى تم لدارفور وسكانها آنذاك، وغيرها من فترات.

كان تنظيم الإسلاميين فاعلاً فى دارفور قبل أن يصل للحكم بانقلابه العسكري فى 1989، حيث شارك بدور كبير فى الأحداث فى دارفور، من موقع المعارضة والحكم، متدخلاً فى الصراعات القبلية بانحياز واضح للقبائل العربية، وداعماً للتجمع العربي هناك، في سبيل توسيع نفوذه في دارفور، وخلق موطئ قدم له هناك. وقد تميزت استراتيجيات الإنقاذ فى دارفور بالتناقض، وإن كانت كلها مضرة بالإقليم ومواطنيه، فقد عمدت الإنقاذ الى اضعاف الإقليم وسكانه، فكان أن عمدت الى اقتطاع الجزء الشمالي من الإقليم وضمه الى الإقليم الشمالي، كما قسمت دارفور الى ثلاث ولايات (أقاليم)، ما لبثت ان قسمتها هى الأخرى الى محافظات لم تراع فيها الإرث الإداري للإقليم عبر التاريخ.

كما عمدت الإنقاذ الى تكسير القيادات التقليدية والإدارة الأهلية فى دارفور واضعافها، وأحلت محلها قيادات وسيطة وجديدة تابعة لها، بحسبان أن القيادات التقليدية تابعة لحزب الأمة، كما أتت بالعديد من القيادات العليا من خارج الإقليم، من كوادرها المشهورة بالعنف والصلف، وفى ظل انعدام أي اهتمام بتنمية دارفور أو قضايا مواطنيها.

كما سعت الإنقاذ من جهة ثانية، الى استيعاب دارفور فى مشروعها الحربي التوسعي، وذلك عن طريق استغلال أبناء الإقليم فى حربها فى جنوب السودان، فكان ان كونت قوات الدفاع الشعبي ومليشيات الفرسان ودعمت قبائل جنوب دارفور العربية ومليشيات المراحيل لتقاتل لها الحركة الشعبية فى مناطق التماس، فى استمرار لسياسة الصادق المهدي الفاشلة. وقد قام الإسلاميون من أبناء دارفور بدور قذرٍ فى تأسيس هذه المشروع الحربي وقياداته واستخدام أهليهم فيه.

من جهة أخرى فقد تجاهلت الإنقاذ الصراعات القبلية، وفى بعض الأحيان اتخذت جانب قبيلة أو مجموعة قبائل ضد أخرى، وسكتت عن سياسة القتل الجماعي والتهجير التى تمت ضد قبائل الفور والمساليت الخ.، وذلك فى سعيها لتكسير البنية التقليدية في دارفور، واضعاف حزب الأمة، وشغل أهل دارفور بأنفسهم كيلا يطالبوا بحقوقهم المشروعة فى التنمية والتطور وحكم أنفسهم وبلادهم.

كما تعاملت الإنقاذ بصورة عسكرية بحتة تجاه قضية النهب المسلح، وحاولت الالقاء بمسئوليتها على عاتق مجموعات بعينها، فى استعداء واضح لها، حتى فى هذا المجال، لم توفر الإنقاذ النية الكافية والإمكانيات الوافرة لمحاربة الظاهرة وتحقيق الأمن فى دارفور، رغم جعجتعها عن الأمن واستعادة هيبة الدولة الخ، وذلك لأن كل هذا لا يدخل ضمن برامجها المخططة لدارفور.

يمكننا الآن بيسر ان نقول بأن استراتيجية الإنقاذ تجاه دارفور، قد قامت على رفع يد الدولة تماماً عن مهامها فى بناء وتأهيل البنية التحتية ومعالجة الأزمة البيئية فى الإقليم، وعلى تكسير العلاقات التقليدية فى دارفور، وعلى التمترس وراء قيادات وقبائل بعينها، ضد القسم الآخر من سكان دارفور، وعلى اشاعة ثقافة الحرب والعنف فى دارفور، واستغلال أبناء دارفور ونوازعهم الدينية احتياطياً عسكرياً وأمنياً وسياسياً لها ضد خصومها من الحركة الشعبية وقوى المعارضة الأخرى.

المعارضة المسلحة في دارفور وخطر الحرب الأهلية
اندلعت المعارضة المسلحة فى دارفور ضد النظام، بعد ان بلغ تسليح القبائل والصراعات بينها حدها الأقصى، وعندما استمرت سياسات التصفية العرقية لقبائل بعينها، وبعد ان افتضح بؤس ولؤم وخطل البرنامج "الإنقاذي" لدارفور، وبتأثير من تجربة المعارضة المسلحة فى الجنوب، ونشاط عدد من القوى السياسية التى أرادت جر دارفور الى الصراع مع النظام. كانت حركة داؤود يحى بولاد فى أوائل التسعينات محاولة مبكرة لهذه المعارضة، وإن ضرها ارتباطها المباشر بالحركة الشعبية لتحرير السودان، وقيامها فى وقت لم ينكشف فيه البرنامج الإنقاذي ضد دارفور، كما لم يتم فيه الانقسام فى السلطة الإنقاذية الحاكمة، والذى وقف فيه معظم إسلاميي دارفور ضد جناح البشير – علي عثمان ومع جناح الترابي – علؤ الحاج.

فى مطلع عام 2003 اندلع القتال فى صورة تمرد سياسي ضد النظام، قادته ثلاث قوى أساسية فى جبل مرة وكرنوي وأرقو، وقد توحدت قوات جبل مرة وكرنوي – وادي هور- فى اطار حركة تحرير السودان، بينما نجحت الحكومة فى ضم قوات الجنجويد المتمردة فى أرقو الى صفها.

يعاب علي المعارضة المسلحة تشتتها وسعي جميع الأطراف للكسب الحزبي منها، فقد تأسست حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، وتسابقتا فى الميدان العسكري ونسبة الانتصارات لهما، بينما حاول الحزب الفيدرالي طويلاً كسب المعارضة الى صفه، كما تدخلت أطراف من حزب الأمة والمؤتمر الشعبي فى الصراع، فخلقت حالة من البلبلة السياسية والتشويش عاقت وحدة البندقية الدارفورية ضد النظام.

بالمقابل فقد انتقل الإنقاذيون مباشرة الى الهجوم المضاد، حيث شنوا هجوماً سياسياً كاسحاً على التمرد وقادته، وجذبوا الى صفهم أحد شرائحه المهمة "الجنجويد"، ثم بداؤا فى استمالة بعض القيادات والمليشيات العربية لضمهم لصف النظام، فى اتجاه تحويل الصراع الى حرب أهلية فى دارفور، بدلاً عن ان يكون صراعاً لمجمل الدارفوريين ضدهم وضد سياساتهم.

ان ضعف الخطاب السياسي لحركات المعارضة الدارفورية، والانكفاء الاثني والقبلي لبعضها، ووقوع بعض حركات المعارضة فى تجاوزات ضد المدنيين، ووقوف حزب الترابي يلعب من الخلف وراء احداها، وعدم التنسيق مع أي قوى معارضة مسلحة أخرى فى الشرق أو الجنوب عند انطلاق القتال، قد أعطي الفرصة والوقت والمبررات لحكومة الإنقاذ لتبني وتنفذ سياستها القائمة علي مبدأ فرق تسد، والهادفة الى قطع الوشائج التاريخية بين القبائل فى دارفور، والرامية الى اغراق دارفور فى بحر من الدم.

إن الصراعات القبلية على الموارد المحدودة فى دارفور قد حولتها الأنظمة الحاكمة ودعاية الحركة الشعبية ومختلف القوى المغامرة الى صراع اثني ثقافي، كما أن المعارضة المسلحة التى انطلقت ضد النظام، قد تحولت نتيجة لاستراتيجية النظام الكريهة وأخطاء الثوار الى تمترس قبلي وعرقي، فاتحة الباب أمام اندلاع حرب أهلية واثنية شاملة فى دارفور.

إن حصيلة النزاع المسلح فى دارفور خلال عام ونصف لهى حصيلة مروعة الى حد كبير. فقد قتل عشرات الآلاف من المواطنين، واحرقت مئات القرى والحلال، وتشرد فى داخل دارفور وخارجها ما يفوق المليون مواطن، ودمرت عشرات آبار المياة والأراضي الزراعية والبساتين، ونهبت المحصولات والمواشي والممتلكات، وتسلح الجميع، وانطلقت المليشيات تعيث فساداً، فى ظل المشاركة الفاعلة والأساسية فى مسلسل الدمار والتخريب هذا من قبل حكومة الخرطوم.

الصراع في دارفور : صراع غلي الموارد لا صراع هُويَّة
إن الصراع فى دارفور فى مجمله هو صراع على الموارد الشحيحة، هذه الموارد التى تتناقص باستمرار، في ظل الزيادة الكبيرة فى عدد السكان وعدد حيوانات الرعي من ابل ومن ماشية. إن الإقليم، حسب مختلف الدراسات، كان قد تجاوز مرحلة التوازن البيئي فى نهاية السبعينات، وما عادت الأشكال التقليدية للزراعة والرعي، وخصوصاً فى ظل واقع الجفاف والتصحر المتزايد، بقادرة على ان تمارس دون تدمير كامل للبيئة، وصراعات لا حد لها على موارد الماء والأرض المفقرة باستمرار.

لقد تجاهلت الحكومات المركزية المختلفة، بدءاً من حكومة المشير نميري ومروراً بحكومات الصادق المهدي وانتهاءً بحكومة الإنقاذ الحالية، التدهور البيئي المتصاعد فى الإقليم – وفى مناطق أخرى من أقاليم السودان - وبدلاً من حل المشكلة فى اطار برامج لمجابهة التدهور البيئي ولتطوير الموارد وادخال أنشطة اقتصادية جديدة وتقنيات جديدة للإنتاج، عمدت الى التركيز على مظاهر الأزمة، وهى قضايا النهب المسلح والاحتراب القبلي، والتى هى نتائج ملازمة للأزمة البيئية – الاقتصادية – الديمغرافية فى دارفور.

لقد كانت الصراعات فى دارفور موجودة منذ القدم، ولكنها فى ظل ظروف التوازن البيئي كانت محدودة وتحل عبر الأدوات والقيادات التقليدية وبنظم التعويض والديات، وكانت العلاقات جيدة بين مختلف اثنيات دارفور، تدعمت بالزواج المختلط والعلاقات المتشابكة بين القيادات والمواطنين، فى ممارسات من التسامح الاثني لا تعرفها بقية اقاليم السودان.

إن محاولات تحوير الصراع الآن الى صراع اثني بين قبائل دارفور غير العربية والعربية، أو صراع على الهُويَّة بين أفريقانية السودان أو عروبته، هذا الصراع البائس والمزيف، والذى يحاول البعض أن يحله عسكرياً وفى دارفور وبأيادي الدارفوريين، إنما تعبر عن قصر نظر سياسي ومعرفي، وتجاهل للوقائع الموجودة على الأرض، ولا يقدم أي اسهام فى الحل الجذري للأزمة، والكامن فى تطوير الموارد واعمار الإقليم.

إن مختلف التنظيمات المتطرفة والمتخلفة، مما يسمي بالتجمع العربي فى دارفور، وتنظيم قريش، والتنظيمات التى تدعي للتمترس الزنجي–الأفريقي، إنما تسجل قراءات خاطئة للأزمة، وستعمل على تصعيدها وتحويلها الى محرقة وتصفية عرقية، على غرار ما حدث فى رواندا. جدير بالذكر ان معظم هذه التنظيمات المتطرفة إنما أتت فكرتها من خارج دارفور، وتجد الدعم أساساً من قوى غير دارفورية، سواء كانت بعض أجنحة الحركة الشعبية لتحرير السودان، أو الجناح العنصري الفاشي من نخبة الشمال المتعربنة.

إن الحل الصحيح يكمن فى وحدة أهالي دارفور، والنضال المشترك بين مواطنيها من أجل تطوير موارد الإقليم وحسن إدارتها وتنويعها، ومواجهة التدهور البيئي المتصاعد، وحفز مبادرة سكان الإقليم من أجل العمل والانتاج والادخار والاستثمار، كما فى تحقيق السلم الاجتماعي والذى يجعل كل ذلك ممكناً. على المستوى السياسي يبدو من الأهمية بمكان انتزاع حق مواطني الأقاليم فى إدارة أقاليمهم بنفسهم، وفى المساهمة العادلة فى إدارة كامل الوطن السوداني، على قدم المساواة مع غيرهم من المواطنين من مختلف الأقاليم

Thursday, February 17, 2005

دارفور في خطبة الجمعة

دارفور.. الأرض الغالي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)سورة الصف
دارفور.. الأرض الغالية
(خطبة جمعة رائعة للدكتور صفوت حجازى)



بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله.. وبعد،،
قليل منا من قرأ تاريخنا ووعى هذا التاريخ، ونحن للأسف الشديد أمة لا تقرأ تاريخها، وإذا قرأنا هذا التاريخ فإننا ننساه ونتعامل معه علي أنه ماض، والمهم أن ننظر للحاضر والمستقبل.
أيها الأحباب.. التاريخ هو مجدنا ومجد آباءنا، التاريخ هو حاضرنا ومستقبلنا، وكما روى الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه قال: كان أبي سعد بن أبي وقاص يأخذ بأيدينا أنا وإخوتي، يوقفنا علي مشاهد رسول الله (أي مواقع الغزوات) وآثار رسول الله، ويروي لنا ما شهد من الماضي، ويقول لنا: تعلموا تاريخكم، وتعلموا سيرة نبيكم، فإنها مجدكم ومجد آبائكم. أما نحن فللأسف الشديد ضاع منا هذا التاريخ.
وأظن أن الجميع يعرف المدينة المنورة، بل إن معظمنا ذهب إليها وسار في طرقاتها. ولعل بعضنا يعرف أبيار علي، وهي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينوي عنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة، وكانت تسمي في زمن النبي صلي الله عليه وسلم ذي الحليفة. ولعل البعض يظن أنها سميت أبيار علي نسبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا غير صحيح.. والصحيح أنها سميت بذلك نسبة لعلي بن دينار. وعلي بن دينار هذا جاء إلي الميقات عام 1898م حاجاً ( أي منذ حوالي مائتي عام)، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة، ذلك المسجد الذي صلي فيه النبي وهو خارج للحج من المدينة المنورة، وأقام وعمّر هذا المكان، ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار.
أتدرون من هو علي بن دينار هذا؟ إنه سلطان دارفور. تلك المنطقة التي لم نسمع عنها إلا الآن فقط لما تحدث العالم عنها، ونظنها أرضاً جرداء قاحلة في غرب السودان، كانت منذ عام 1898م وحتى عام 1917م سلطنة مسلمة، لها سلطان اسمه علي بن دينار. وهذا السلطان لما تقاعست مصر عن إرسال كسوة الكعبة أقام في مدينة الفاشر (عاصمة دارفور) مصنعاً لصناعة كسوة الكعبة، وظل طوال عشرين عاماً تقريباً يرسل كسوة الكعبة إلي مكة المكرمة من الفاشر عاصمة دارفور. وإذا كنا في مصر نفخر ونشرف أننا كنا نرسل كسوة الكعبة، وكان لنا في مكة التكية المصرية، فإن دارفور لها مثل هذا الفخر وهذا الشرف.
هذه الأرض المسلمة تبلغ مساحتها ما يساوي مساحة جمهورية فرنسا، ويبلغ تعداد سكانها 6ملايين نسمة، ونسبة المسلمين منهم تبلغ 99% (أي أن نسبة المسلمين في دارفور تفوق نسبتهم في مصر)، والذي لا تعرفونه عنها أن أعلي نسبة من حملة كتاب الله عز وجل موجودة في بلد مسلم، هي نسبتهم في دارفور، إذ تبلغ هذه النسبة ما يزيد عن 50% من سكان دارفور، يحفظون القرآن عن ظهر قلب، حتى أن مسلمي أفريقيا يسمون هذه الأرض "دفتي المصحف". وكان في الأزهر الشريف حتى عهد قريب رواق اسمه "رواق دارفور"، كان أهل دارفور لا ينقطعون أن يأتوه ليتعلموا في الأزهر الشريف.
وأصل المشكلة هناك أن دارفور يسكنها قبائل من أصول عربية تعمل بالزراعة، وقبائل من أصول إفريقية تعمل بالرعي. وكما هو الحال في صحراوات العالم أجمع.. يحدث النزاع بين الزراع والرعاة علي المرعى والكلأ، وتتناوش القبائل بعضها مع بعض في نزاع قبلي بسيط، تستطيع أي حكومة أن تقضي عليه، غير أن هذا لم يحدث في السودان، بل تطور الأمر لما تسمعونه وتشاهدونه الآن.. لماذا كل هذا؟!!
لأن السودان هي سلة الغذاء في إفريقيا، لأن السودان هي أغني وأخصب أراضي العالم في الزراعة، لأن السودان اُكتشف فيها مؤخراً كميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور، فلو استقر السودان المسلم لحل الأمن والرخاء والسخاء بالمنطقة كلها، ولأصبحت السودان ملجأ وملاذاً للمسلمين والعرب أجمعين، ولهذا لم يرد أعداء الإسلام لهذه المنطقة أن تنعم بالاستقرار، ولا أن تعتمد علي نفسها، فماذا يفعلون؟ يشعلون النزاعات في أنحاء البلاد ليصلوا بالأمر إلي تقسيم هذه الأرض إلي أربع دويلات.. دولة في الغرب (تسمي دارفور) ودولة في الشرق، ودولة في الجنوب ودولة في الشمال (في جنوب مصر). لقد نفذوا خطتهم هذه فعلاً في الجنوب، ودبّ النزاع بين الشمال والجنوب، وأقروا أن حق تقرير المصير بانفصال أهل الجنوب سينفذ بعد خمس سنوات من الآن. وبعد أن تم لهم ما أرادوه في الجنوب، التفتوا إلي الغرب وأشعلوا فيه نار الفتنة والخلاف، سعياً وراء حق تقرير المصير هناك أيضاً، وؤأكد لكم أن النزاع سيصل إلي الشرق عن قريب، وسيكون حق تقرير المصير هو الحل أيضاً، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله.
وأذكر لكم قصة الجنوب.. إن نسبة المسلمين في جنوب السودان حوالي 16%، ونسبة النصارى 17%، أي أن الفارق 1% فقط، والباقي من السكان وثنيون. فأي تقرير مصير هذا الذي ينادون به؟ السر في هذا يا إخوتي في الله.. أنهم يأملون في نجاح حركات التنصير في ضم 5% من السكان إلي النصرانية خلال الخمس سنوات القادمة، وعلي هذا سترتفع نسبتهم إلي 23%، وهم في سبيلهم هذا يعتمدون علي قعود المسلمين عن الدعوة لدينهم وزيادة أعدادهم في الجنوب.
أعرفتم الآن يا إخوتي لماذا يذهب كارتر رئيس مجلس الكنائس العالمي إلي الجنوب دائماً؟ للإشراف علي تنفيذ هذا المخطط.
أما في دارفور.. فلم يعتمدوا هناك علي التنصير، ولكن علي مجموعة من ضعاف النفوس من محبي الزعامة والرئاسة الذين يتطلعون إلي كراسي الحكم والسلطان، فربّوهم في ديارهم، وعلموهم في معاهدهم وجامعاتهم، فإذا عادوا إلي بلادهم نادوا بالتحرر والانفصال، وأصبحوا قادة لحركات التمرد، واستغلوا الفقر والجوع والخلاف بين قبائل المسلمين علي الكلأ والمرعى، وصوروه للعالم علي أنه صراع سياسي. وبدأت المعونة والطعام والكساء تصل إلي دارفور.. أتدرون أن 13 وزيراً من وزراء أوروبا وأمريكا ذهبوا إلي دارفور في الثلاثة شهور الأخيرة فقط؟.. وأن آخر زوار دارفور وزير الخارجية الأمريكي؟.. وما دارفور هذه لتتحرك لها وزارة الخارجية الأمريكية؟.. في حين لم تتحرك جامعة الدول العربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي.. ولو أن كل مسلم من المليار مسلم تبرع بجنيه مصري واحد.. لأصبحت السودان جنة من جنات الأرض.. ولكن ما من تحرك ولا تفاعل ولا حتى شجب أو استنكار، بل تقاعسٌ وصمتٌ رهيبٌ.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولم تتحرك (علي حد علمي) إلا الحكومة المصرية جزاها الله خيراً.. ففتحت الحدود مع السودان من غير تأشيرة دخول ولا خروج منذ حوالي 15 يوماً، في بادرة طيبة وعظيمة. وهنا يأتي دورنا نحن.. فما المانع أيها المسلم أن تذهب إلي دارفور أو إلي الجنوب وتقيم مصنعاً أو مشروعاً؟.. ما المانع أيها الطبيب أن تذهب وتقيم هناك بين أهل البلاد تعالج مرضاهم؟.. إن هذا هو ما يفعله المبشرون بدعواتهم وأفكارهم علي ما فيها من خلل وقصور، فلماذا لا تفعل أنت مثلهم وأنت صاحب خير الرسالات وأسمى الدعوات؟.. لماذا تثاقلت إلي الأرض؟.. أرضيت بالحياة الدنيا من الآخرة؟.. أرضيت بهذا الهوان؟..
أيها الشباب الذي يسألنا صباح مساء أن يذهب إلي العراق طلباً للشهادة.. أيها الشباب الذي يعلّق المسئولية في أعناق الحكومات أنها أغلقت أبواب الجهاد في وجوههم.. اسمعوا مني: لا تذهبوا للعراق لتموتوا شهداء هناك.. واذهبوا للدعوة وموتوا في جنوب السودان وفي دارفور.
أيها الشباب الذي يسألنا هل يجوز العمل في العراق المحتل؟.. اذهبوا واعملوا في جنوب وغرب السودان ولو بقروش قليلة، وكونوا مبشرين بالإسلام.
أيها الشباب.. لا يكن شغلكم الشاغل الحياة الرغدة والمال الوفير وأحضان نسائكم، إن المبشر بالنصرانية يترك أوروبا وأمريكا والحضارة بأسرها، ويحمل جواز سفره وما يملك من المال ويأتي إلي ديارنا للتبشير فيها.. لماذا لا تفعل أنت ذلك؟.. أأنت أقل منه؟.. أأنت أضعف منه؟.. بل أنت أقوى بدينك وإيمانك.
ولقد تحرك اتحاد الأطباء العرب وأقام في دار الحكمة هنا في القاهرة في شارع القصر العيني لجنة لمساعدة السودان وتلقي المساعدات منكم يا أخوتي في الله.. ولن يتطلب الأمر منكم أكثر من مشوار إلي هناك لتعرفوا كيف تساهموا في حل مشاكل المسلمين هناك.
وأنبه.. إن السودان ومصر أرضاً واحدة.. وشعباً واحداً.. إن جاع أحدهما جاع الآخر.
تلكم يا إخوتي هي المشكلة في السودان الحبيب. وتلكم هي قصة دارفور، الأرض الغالية، صاحبة أعلي نسبة من حملة كتاب الله عز وجل، التي تبلغ نسبة المسلمين فيها 99%، أرض كانت في يوم من الأيام سلطنة إسلامية، لها سلطان عظيم اسمه علي بن دينار، يكسو الكعبة...
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين.. اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بشر فاشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، وأدر الدائرة عليه. اللهم أقم فينا دولتك، وارفع لواءك، وحكم فينا شريعتك.. إنك ولي ذلك والقادر عليه. وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.




رابط الخطبة

http://www.daralansar.com/Slisten.asp?sid=15&id=127

ازمة دارفور..تحليل من موقع مفكرة الاسلام


أزمة دارفور... والهروب من الحقيقة

تقارير رئيسية :عام :الأربعاء 18 جمادى الآخرة 1425هـ - 4 أغسطس 2004


مفكرة الإسلام: عجيبة هي حقًا أمور المسلمين ـ وخاصة العرب ـ في الوقت الحاضر، تتألق أمامهم الحقائق في وضح النهار، فيتركونها للبحث عنها في غياهب الظلمات.

وينطبق هذا الوضع المحير على الأزمة المفتعلة حاليًا في جنوب العالم الإسلامي في الأزمة التي تعرف بقضية دارفور، فعلى الرغم من الظهور الجلي للأسباب الحقيقية وراء افتعال تلك الأزمة من قبل العالم الغربي انسياقًا وراء أمريكا، نجد الكثير من قادة الرأي في العالم العربي يجهدون أنفسهم في البحث والتحليل لأسباب وهمية غير أساسية وراء اشتعال الأزمة، وفي محاولة وضع تصور للخروج منها 'بسلام'.

ـ نعم، هناك العديد من الأسباب والدوافع المحركة لهذه الهجمة الشرسة والتكالب المخيف على السودان، إلا أن هذه الدوافع والأسباب في أفضل حالتها يمكن أن تكون غير أساسية أو تابعة للسبب الحقيقي، ألا وهو الدافع العقدي ومسلسل تضييق الخناق على العالم الإسلامي.

ـ نعم، توسيع نفوذ الإمبراطورية الأمريكية وما يتطلبه ذلك من استمرار تدفق مخزونات النفط من شتى بقاع الأرض ـ خاصة مع الحديث عن الاكتشافات المستمرة للذهب الأسود في السودان ـ بالإضافة إلى إغلاق بوابة العرب المطلقة على أفريقيا وحرمان العرب من سلة الغذاء الواعدة هناك، وإضعاف مصر بالتحكم في مياه النيل، أيضًا ما أعلنه خبراء جيولوجيون يعملون في شركة نفطية غربية كبرى لصحيفة [الخليج الإماراتية] أن واشنطن والدول الغربية الكبرى حريصة على التدخل في السودان بسبب اكتشافات كميات ضخمة من اليورانيوم في منطقة حفرة النحاس بدارفور، يمكن أن يكون ذلك ضمن أسباب الانقضاض الأمريكي على السودان، إلا أن الدافع العقدي يبقى هو المحرك الأساسي.

ـ ومن العجيب أن يترك المسلمون ـ خاصة العرب ـ جوهر القضية وينشغلون بما يروجه مخططو الحملة على السودان، مثل مزاعم المقابر الجماعية والإبادة الجماعية ومعاناة اللاجئين ودور الجنجويد في ذلك ودعم الحكومة لهم، والأفضل حالاً يحاولون تفنيد تلك المزاعم وإظهار الصور الحقيقية للأزمة وأنها لا تعدو كونها صراعًا بين قبائل حول المراعي استغلها الغرب لافتعال أزمة وحجة وهمية.

ـ وليس معنى ذلك أنه لا توجد أزمة لاجئين ومعاناة في دارفور، لكن تلك المعاناة ليست هي التي يصورها الإعلام الغربي وتروج لها ـ بقصد أو بدون ـ بعض وسائل الإعلام العربية، وهذا ما كشفته بعثة أطباء مصريين ذهبت لمساعدة اللاجئين، لكنها فوجئت بصورة مغايرة لما كانت تراه في وسائل الإعلام.

وأوضح الطبيب منصور حسن رئيس البعثة أن الوفد الطبي الذي التقى بمجموعة كبيرة من السيدات في المعسكرات، وقام بإجراء فحوص طبية على حوالي 17 ألف مريض، لم تصادفه أية حالات اغتصاب كما لم يتقدم أي فرد للشكوى من وقوع شيء كهذا له.

وأضاف حسن الذي يشغل منصب الأمين العام لنقابة الأطباء بالإسكندرية في تصريح لـ[الجزيرة نت]: لقد أخذنا معنا أدوية ومستلزمات طبية ضد إصابات الحروق وتكسير العظام الناتجة عن الحروب, لكننا فوجئنا بعدم وجود أية حالات من هذا النوع اللهم إلا حالتين مضت عليهما 6 أشهر.

وكشف الطبيب منصور حسن ممارسات منظمات الإغاثة الأجنبية العاملة في دارفور التي تتناقض مع العمل الإغاثي، منها قيام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بنقل بعض النازحين إلى معسكر مهمل في مدينة الفاشر عشية زيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حتى تبدو أحوال هؤلاء النازحين في غاية السوء، لكن الحكومة السودانية أحبطت هذه المؤامرة وتمت إعادة النازحين إلى معسكراتهم الأصلية.

ويكشف الطبيب المصري واقعة أخرى دارت أحداثها في معسكر مورني بالقرب من معسكر الجنينة، حيث سعت المنظمات الإغاثية إلى منع النازحين من العودة الطواعية إلى قراهم استجابة لدعوة الحكومة للمزارعين لكي يعودوا إلى قراهم قبيل موسم الزراعة.

وفي تفنيد لمزاعم الإعلام الغربي، تحدث منصور حسن حول قيام ممثلي وسائل الإعلام الغربية بتصوير المقابر الخاصة بتلك المناطق والكائنة أصلاً، بزعم أنها مقابر جماعية.

وفي ختام تصريحاته أوضح رئيس البعثة الطبية المصرية أن قضية دارفور ليست بهذا القدر من التضخيم كما يصورها الإعلام الغربي.

ـ وهذه المزاعم هي الحجج الجديدة لتبرير توسعات الإمبراطورية الأنجلو أمريكية، ويطالب بذلك منظرو الجمعية الفابية البريطانية المنتجة لفكر حزب العمال وحكومة توني بلير، حيث يطالبون بضرورة تنحية قضية أسلحة الدمار الشامل والحرب على الإرهاب جانبًا كذريعة لشن الحروب الاستباقية وتغيير الأنظمة، خاصة بعد الفضائح الكبيرة التي برزت في حربي أفغانستان والعراق، والتوجه نحو التدخل العسكري وتغيير الأنظمة لأسباب إنسانية وبسبب انتهاكات حقوق الإنسان فيها.

ـ نعم العقيدة هي المحرك الأساسي:

ـ إذا كانت المشكلة في دارفور ـ كما ذكرنا سابقًا ـ لا تعدو كونها صراعًا قبليًا على أماكن الرعي ومصادر المياه، خاصة مع وجود حالة من الجفاف، وكان هذا الصراع سرعان ما يجد له حلاً من خلال زعماء القبائل، ومعلوم أن هذا النوع من المشاكل يعتبر شيئًا عاديًا في جميع المناطق القبلية، وهو من نوع الخلافات الطبيعية التي تنشأ في المجتمعات القبلية المتحركة، ومع عدم وجود مقابر جماعية أو إبادة بشرية كما ذكرت البعثة الطبية المصرية، بالإضافة إلى عدم وجود نصارى في دارفور يدافع عنهم الغرب، حيث يشكل المسلمون نسبة 99% من أهالي دارفور سواء كانوا أفارقة أو عربًا، فلا يبقى بعد ذلك سوى العقيدة التي تحرك أمريكا ومِن ورائها أوروبا تجاه السودان.

ويتضح ذلك عندما نعلم أن 'ريتشارد سيزيل' رئيس الاتحاد الوطني للمنصرين و'جاري إدموندز' سكرتير التحالف العالمي للمنصرين هما من يقوما بتنسيق مواقف جماعات اليمين المسيحي لمطالبة بوش بتبني مواقف أكثر تشددًا مع السودان.

ويزداد الأمر وضوحًا بمعرفة أن أنصار المسيحية الصهيونية في أمريكا ـ والتي ينتمي إليها بوش وإدارته ـ تؤمن بأن المواجهة بين المسيحية والإسلام أصبحت حتمية بعد سقوط الشيوعية، وأن الساحة الحقيقية لهذه المواجهة هي أفريقيا التي مازالت بالنسبة لهم بكرًا دينيًا، والسودان هو ساحة المعركة الأنسب لبدء المواجهة.

خاصة وأن السودان الذي يمكنه أن يلعب دورًا بارزًا في نشر الإسلام، تحيط به من الجنوب والشرق دول يحكمها نصارى يرتبطون بالمصالح الغربية.

ومن جانبهم، دخل الصهاينة ولأول مرة بصورة علنية على خط أزمة دارفور، حيث طالبت هيئة 'ياد فاشيم لإحياء ذكرى الهولوكوست' يوم الأحد 18/7/2004 زعماء العالم باتخاذ رد فعل فوري لوقف 'المأساة في دارفور' قبل أن تتفاقم، وفي تحريض للإدارة الأمريكية على التدخل في السودان أعلن الحاخام ديفيد سبارستين رئيس مركز العمل اليهودي أن الإدارة الأمريكية لا يجب أن تقلق هذه المرة من التدخل العسكري لأن الدعم الدولي في صفها.

وبادر المركز اليهودي للإصلاحات الدينية إلى تنظيم مظاهرة احتجاجية صاخبة أمام السفارة السودانية في العاصمة الأمريكية، وشارك في الحملة المخططة بعض الأسماء اللامعة التي تجذب الانتباه مثل القيادي اليهودي إيلاي ويزيل الحاصل على جائزة نوبل للسلام بحجة أنه يريد تسليط الضوء على العنف في السودان تحت شعار: 'أنا لا يمكن أن أكون منعزلاً' وشاركته في الحملة والرأي روث ميسنجر رئيسة منظمة اليهود الأمريكية التي صرحت بأنها تستطيع عن طريق هذه الحملة جمع أموال طائلة لـ'أكثر من غرض'.

وساهمت مجموعة يهود منطقة واشنطن بتنظيم ورشة عمل دينية لتتخذ مواقف احتجاجية ضد ما وصفته بـ'العنف المستشري' في غرب السودان، وقام جيري فاولر مدير لجنة 'الضمير اليهودي' بزيارة معسكرات اللاجئين السودانيين في تشاد ثم كتب بعدها لصحيفة 'واشنطن بوست'.

كما أوقف متحف المحرقة اليهودي نشاطه اليومي لمدة نصف ساعة ليلفت الأنظار إلى أحداث دارفور، وقامت مجموعة 'ائتلاف' اليهودية [تضم 45 مجموعة] بإنشاء مكتب خاص مهمته جمع التبرعات لدعم احتياجات اللاجئين السودانيين في تشاد.

ـ وليس هذا الحماس اليهودي تجاه افتعال الأزمة وتصعيدها بغريب، فقد كشف 'الصادق هارون' أحد القيادات المنشقة عن حركة تحرير دارفور لصحيفة 'البيان الإماراتية' في 4/1/2004 عن لقاء مسلحي دارفور مع مسؤولين صهاينة بتنسيق إريتري في مقر السفارة الصهيونية بإحدى دول غرب أفريقيا الذي أسفر عن تمويل صهيوني للتمرد.

وللمزيد من الاطلاع على العقيدة المسيحية الصهيونية المحركة لليهود تجاه السودان، نشرت [مفكرة الإسلام] تقريرًا بعنوان 'إسرائيل جديدة جنوب السودان، هل تعلم به حكومته؟'، يتحدث حول الدوافع العقدية التي تحرك العالم الغربي بزعامة أمريكا تجاه افتعال الأزمات في السودان تمهيدًا للتدخل العسكري والسيطرة عليه، وذلك من خلال بعض النصوص التي يقول اليهود: إنها من التوراة.

وأما عن توغل منظمات التنصير تحت حجة هيئات الإغاثة الدولية ودورها المشبوه في دارفور، والتي قال عنها يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان مخاطبًا المسؤولين عن المنظمات التنصيرية العاملة في أفريقيا: 'إنني أحدثكم عن دارفور، تلك المنطقة التي تشهد كارثة إنسانية وهي بحاجة إلى صلواتكم، هلم إليها, إنها بحاجة إلى كلمة المسيح'، ودفع هذا التوغل شبكة المشكاة الخيرية السودانية إلى توجيه نداء للمسلمين في على شبكة الإنترنت قائلة: 'إخوانك في دارفور بغرب السودان، مهددون في دينهم وحياتهم وغذائهم و دوائهم، لا تتركهم للمنصرين'، فهناك تقرير 'دارفور... صرخة نذير من خطر التنصير'.

فلماذا الهروب من الحقيقة؟

ـ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نحاول الهروب من مواجهة تلك الحقيقة، أو بمعنى أدق، لماذا يحاول البعض أن يبعدنا عن تلك الحقيقة؟؟

ـ إن تحييد المسلمين وتصوير الصراع مع الدول الاستعمارية الجديدة على أنه صراع مصالح وحدود... وأي شيء غير أنهم يندفعون من منطلق عقيدتهم، كان هو السبب المباشر في ظهور الاحتلال الصهيوني واحتلال أفغانستان والعراق وجميع الكوارث التي حلت بالعالم الإسلامي.

وعلى الرغم من أن بوش أعلنها صريحة قبل ذلك في قوله: 'إنها حرب صليبية'، فهل يتم تحييد المسلمين تجاه السودان كما حدث في العراق؟! لأن النتيجة الحتمية لمعرفة المسلمين لحقيقة الصراع، هي ما أعلنه تنظيم يسمى 'جيش اللواء الإسلامي' في أول بيان له، هدد فيه بشن حرب ضارية ضد القوات الأجنبية، وتوعد بجعل البلاد جحيمًا على الحملة الصليبية الجديدة، مؤكدًا أنه لا ينبري للدفاع عن حكومة الإنقاذ أو سواها، وأن للسودان خبرة في قتال الصليبيين منذ عهد المهدية، كما التزم بإعلان الجهاد واستنفار المسلمين في بقاع العالم منذ اليوم الأول لدخول القوات الأجنبية في السودان.

كتبه للمفكرة: عمرو توفيق

amrsahafa@hotmail.com