الجنـرال اللغـز « ابراهيم سليمان»
في دائرة الضوء
الجنـرال اللغـز « ابراهيم سليمان»
قلبه مع من؟ وسيفه اين؟
اعــــداد :اميرة الحبر
رغم ان الفريق ابراهيم سليمان وصف نفسه بانه انسان عادي سينساه الجميع بعد سنتين او ثلاثة الا ان مواقفه وكافة الدلائل والمؤشرات تشير الى ان الرجل الذي يحسب عمليا بحكم خلفيته الاسلامية وعضويته في المكتب القيادي للحزب الحاكم على الحكومة الا انه يبدو في طرحه لحلول القضية اقرب للحركات المسلحة.. هكذا يقول البعض.
ولعل ما قام به ابراهيم سليمان في اطار منبره ومساعيه لاحتواء مشكلة دارفور تفسر من جهات عديدة اضافة ولقاؤه واتصالاته بالمسلحين بل محاولته لتوحيد الحركتين المسلحتين تضعه في خانة الشك والريبة من قبل كل الاطراف باعتباره سياسي مثيرا للجدل.. حيث انه يريد الجمع بين المتناقضات.!!
ومع ذلك يظل الفريق ابراهيم سليمان كما وصفه البعض بانه جزء من الحل وجزء من المشكلة.. فهو يطالب بمنصب رجل ثالث في القصر الجمهوري لدارفور في الظهر وبعضا من الليل ويشارك في اجتماعات المكتب القيادي للحزب الحاكم حتى الساعات الاولى من الصباح.
تعتبر نشأة الفريق ابراهيم سليمان خارج دارفور بمدينة غبيش التي يهاجمها التمرد الان وزواجه من مدينة الابيض ذات تأثير بالغ على حياة الرجل الذي يصفه المقربون منه بانه متدين جدا ومن المحافظين على تلاوة القرآن واكد شاهد عيان انه كان داخل المسجد يتلو القرآن عند ضربة الفاشر الشهيرة وهو شديد التقدير للعلاقات الاسرية ويمتاز الفريق سليمان بصراحة شديدة تعتبر من طبائعه الشخصية وانسحبت على عمله السياسي فهو احيانا يصرح بآرائه الشخصية في قضية لا تحتمل ذلك وقد تقاطع تصريحات مصادر رسمية ويتجلى ذلك عبر رفضه لكل الحلول المقدمة بحق قضية دارفور الا عبر الاراء والاهداف التي يؤمن بها ..ويروج لها.
وبيت الفريق ابراهيم سليمان بالرياض مفتوح لكل القبائل في دارفور فهو يمثل مركز ثقل لاهل دارفور وبيته مجلس للحكاوى حول حل القضية فقبيلة البرتي التي ينحدر منها تعتبر منطقتها منطقة تداخل قبلي على الحدود مع ولاية غرب كردفان. مما اكسبه صفة القبول لعدد مقدر من المجموعات القبلية بالمنطقة..
ضربة الفاشر
رغم آراء الفريق ابراهيم سليمان الايجابية تجاه مطالب المسلحين منذ البداية ويحفظ له انه اول من اطلق على المجموعات المسلحة لفظ «تمرد» في وقت كان يتم تصويرها كعصابات للنهب المسلح الا ان المتمردين قابلوا هذا الامر باحراج الوالي ورئيس لجنة آلية بسط الامن بولايات دارفور الثلاث بضربة مطار الفاشر الشهيرة واحراق ست طائرات عسكرية وطائرة مدنية امام عين وبصر الوالي ومنذ ذلك الوقت حفظت مقولته التي قالها آنذاك « احذروا دخول البوت في دارفور» لكن الحكومة اصرت على موقفها وسعت لحسم التمرد عسكريا وحتى اليوم يؤكد الرجل انه ثابت على موقفه من قضية دارفور..
موقفه الرافض للحل العسكري والمطالب بالحلول السياسية.. التي رآها البعض حينما نادى بها الفريق وهو حاكم لشمال دارفور.. بأنها دليل ضعف وخور ان لم تكن دليلا على امر اخر..!!
اعتقال
من المواقف التي لا تنسى في تاريخ الفريق ابراهيم سليمان السياسي اعتقاله عندما كان واليا لشمال دارفور للشيخ موسى هلال اثر خلاف حول معالجة قضية دارفور ولعل العلاقة بين الرجلين عبر عنها الشيخ موسى في عدد من التصريحات الصحافية التي تؤكد عداوته وخلافه الكبير مع الفريق ابراهيم سليمان التي يرى عدد من المراقبين انها تشكل ملامح الصراع نفسه في دارفور.
محاولات
قال الفريق ابراهيم سليمان لـ« الرأي العام» انه لن يتوانى ابداً عن السعي لحل مشكلة دارفور واضاف بانه سيسعى من خلال المنبر الذي يترأسه ويضم العديد من قيادات وابناء دارفور خارج وداخل المؤتمر الوطني للمساهمة في تقريب وجهات النظر بين الحكومة والحركات المسلحة خلال الجولة القادمة.
ولعل المطالب الثلاثة التي يصر عليها المنبر مثل محاسبة الذين تورطوا في الاحداث واعادة دمج الولايات الثلاث في اقليم واحد وتخصيص موقع الرجل الثالث في القصر الرئاسي لدارفور التي لم يجد حرجا في طرحها والتعبير عن اطروحات اقرب للحركات المسلحة مما اوجد الاستياء لدى بعض القيادات الحكومية ولعل قيام منبر مواز لمنبر ابناء دارفور برئاسة الفريق ادم حامد موسى الحاكم السابق لجنوب دارفور الذي يؤكد دوما احترامه وتقديره للفريق ابراهيم سليمان الا انه يشير الى انه يخالفه تماما في الرأي والافكار حول طرح المنبر.
ولعل الصراع الخفي بين الرجلين ظهر علنا بعد ان تدخل الحزب الحاكم على مستوى امينه العام د. ابراهيم احمد عمر للعمل على توحيد المنابر التي تتحدث عن قضية دارفور خاصة منبري الفريقين ابراهيم سليمان وآدم حامد وابلغت مصادر قريبة « الرأي العام» ان الامين العام للحزب الحاكم طلب من كل ابناء دارفورالوقوف صفا واحدا خلف رؤية موحدة تعبر عن المؤتمر الوطني طالما ان الجميع ملتزم به كحزب سياسي والحزب الحاكم الذي يسعى الان بكل ثقله لتوحيد المنابر حول قضية دارفور وتوحيد صفوف ابناء المنطقة.
يؤكد ان معالجة المشكلة تبدأ من توحيد كلمة ابناء دارفور.. ولكن كثيراً من المراقبين يستبعدون ان يتم ذلك الامر خاصة في الوقت الراهن اضافة الى وجود بون شاسع بين الرجلين واهداف منبريهما.
جميل لاينسي
رغم اقالة الفريق ابراهيم سليمان من الجهاز التنفيذي في الدولة الا ان بقاءه كعضو مكتب قيادي يثير كثيراً من التساؤلات فالحكومة التي اقالته لاسباب اكدت مصادر انها على علاقة بمواقف الرجل حيال حل مشكلة دارفور ابقى عليه المكتب القيادي لحزبها الحاكم الذي تتم فيه معالجة ووضع سياسة الدولة والجهاز التنفيذي خاصة فيما يتعلق بقضية دارفور نفسها حيث قالت مصادر مقربة من المؤتمر الوطني ان بقاء الرجل تحت اعين الحكومة وحزبها الحاكم اهون من خروجه وانضمامه للحركات المسلحة التي لا يخفى انحيازه الواضح لمطالبها الذي ظهر جليا من خلال لقاءاته الودودة التي تمت مع المسلحين بطرابلس وهم يحفظون له الجميل فهو الذي اطلق سراح عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان في الفاشر عندما كان ضمن المعتقلين المشتبه بهم في بداية احداث دارفور كما ان الفريق سبق وان لوح بانه قد ينضم للمسلحين في حالة وجد نفسه خارج الدائرة في الخرطوم.. ويرى كثير من المراقبين ان هذا الوضع الحالي هو حل وسط يناسب المؤتمر الوطني لان بقاءه رغم ما يثيره افضل من خروجه وتمرده خاصة انه يمتلك ثقلاً سياسياً واجتماعياً مميزاً بدارفور وقبولاً لدى الحركات المسلحة.. وقبل ذلك هو عسكري متمرس وصل به الترقي العسكري ليصبح وزيرا للدفاع
عندما رفض الفريق ابراهيم سليمان المشاركة في ملتقى طرابلس بعد منع السلطات لعدد من اعضاء المنبر بالمشاركة وصف المراقبون هذا الموقف بانه يؤكد تمسك الرجل بالمنبر الذي يريد من خلاله ان يحجز لنفسه مقعدا في المعادلة السياسية القادمة ولعل الموقف نفسه وجد تأييدا كبيرا ومقبولا من الحركات المسلحة نفسها التي اسرعت بالاستفسار عما حدث ولكن هل الرجل يسعى فعلا الى منصب قادم في ظل صراع تديره ثلاث جهات وهل استغنى تماما عن الحكومة وتيقن على عدم عودته للسلطة مرة اخرى فالرجل الذي جلس على كرسي الوزارة مرة والولاية واحتل مراكز قيادية نافذة في اهم مؤسسة في الدولة يصفه المحللون والمراقبون بانه يسعى عبر بوابة المعارضة للعودة للسلطة مرة اخرى في ظل تسوية سياسية قادمة مع الحركات المسلحة.. التي قالت انها تقدره وتعتبره رجلا وطنيا يحب دارفور مع احترامه لمواقفه وآرائه حيث وصفه « للرأي العام» محجوب حسين الناطق الرسمي باسم حركة التحرير انه رجل وطني غيور يحب دارفور.